Mukhtasar Minhaj as-Sunnah an-Nabawiyyah
مختصر منهاج السنة النبوية
Daabacaha
دار الصديق للنشر والتوزيع، صنعاء - الجمهورية اليمنية
Lambarka Daabacaadda
الثانية، 1426 هـ - 2005 م
ليس في ظاهر الحديث إلا مباينة الثلاث والسبعين كل طائفة للأخرى. وحينئذ فمعلوم أن جهة الافتراق جهة ذم لا جهة مدح، فإن الله تعالى أمر بالجماعة والائتلاف، وذم التفريق والاختلاف، فقال تعالى: {واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا} (1) وقال: {ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم. يوم تبيض وجوه وتسود وجوه فأما الذين اسودت وجوههم} (2) .
قال ابن عباس وغيره: تبيض وجوه أهل السنة وتسود وجوه أهل البدعة والفرقة. وقال تعالى: {إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء} (3) وقال: {وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغيا بينهم} (4) وقال: {وما تفرق الذين اوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة} (5) .
وإذا كان كذلك فأعظم الطوائف مفارقة للجماعة وافتراقا في نفسها أولى الطوائف الذم، وأقلها افتراقا ومفارقة للجماعة أقربها إلى الحق. وإذا
كانت الإمامية أولى بمفارقة سائر طوائف الأمة فهم أبعد عن الحق، لا سيما وهم في أنفسهم أكثر اختلافا من جميع فرق الأمة، حتى يقال: إنهم ثنتان وسبعون فرقة. وهذا القدر فيما نقله عن هذا الطوسي بعض أصحابه، وقال: كان يقول: الشيعة تبلغ فرقهم ثنتين وسبعين فرقة، أو كما قال. وقد صنف الحسن بن موسى النوبختي وغيره في تعديد فرق الشيعة.
وأما أهل الجماعة فهم أقل اختلافا في أصول دينهم من سائر الطوائف، وهم أقرب إلى كل طائفة من كل طائفة إلى ضدها، فهم الوسط في أهل الإسلام كما أن أهل الإسلام هم الوسط في أهل الملل: هم وسط في باب صفات الله بين أهل التعطيل وأهل التمثيل.
وقال صلى الله تعالى عليه وسلم: ((خير الأمور أوسطها)) وحينئذ أهل السنة والجماعة خير الفرق.
وفي باب القدر بين أهل التكذيب به وأهل الاحتجاج به، وفي باب الأسماء والأحكام بين الوعيدية والمرجئة، وفي باب الصحابة بين الغلاة والجفاة، فلا يغلون في علي غلو الرافضة، ولا يكفرونه تكفير الخوارج، ولا يكفرون أبا بكر وعثمان كما تكفرهم الروافض، ولا يكفرون عثمان وعليا كما يكفرهما الخوارج.
Bogga 124