141

Mukhtasar Kitab Al-I'tisam

مختصر كتاب الاعتصام

Daabacaha

دار الهجرة للنشر والتوزيع

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٤١٨ هـ - ١٩٩٧ م

Noocyada

اسْتَقَامَ أَنْ يَكُونَ مُقْتَدًى بِهِ فِيمَا حَادَ فيه عن صواب الشَّرِيعَةِ البتَّة. فَيَجِبُ إِذًا عَلَى النَّاظِرِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ أَمْرَانِ؛ إِذَا كَانَ غَيْرَ مُجْتَهِدٍ: (أَحَدُهُمَا): أَنْ لَا يَتَّبِعَ الْعَالِمَ إِلَّا مِنْ جِهَةِ مَا هُوَ عالمٌ بِالْعِلْمِ الْمُحْتَاجِ إِلَيْهِ. (ثانيًا): أَنْ لَا يُصمِّم عَلَى تَقْلِيدِ مَنْ تبيَّن له في تقليده الخطأُ شرعًا، فَإِذَا تبيَّن لَهُ فِي بَعْضِ مَسَائِلَ مُتَنَوِّعَةٍ الخطأُ والخروجُ عَنْ صوبِ الْعِلْمِ الْحَاكِمِ فَلَا يَتَعَصَّبُ لِمَتْبُوعِهِ بِالتَّمَادِي عَلَى اتِّبَاعِهِ فِيمَا ظَهَرَ فِيهِ خَطَؤُهُ، لأنَّ تعصُّبه يُؤَدِّي إِلَى مُخَالَفَةِ الشَّرْعِ أوَّلًا، ثُمَّ إِلَى مُخَالَفَةِ مَتْبُوعِهِ: أمَّا خِلَافُهُ لِلشَّرْعِ فبالعَرَض، وأمَّا خِلَافُهُ لِمَتْبُوعِهِ فَلِخُرُوجِهِ على شَرْطِ الاتِّباع، لأنَّ كلَّ عَالِمٍ يصرِّح أَوْ يعرِّض بِأَنَّ اتِّبَاعَهُ إنَّما يَكُونُ عَلَى شَرْطِ أَنَّهُ حَاكِمٌ بِالشَّرِيعَةِ لَا بِغَيْرِهَا، فَإِذَا ظَهَرَ أَنَّهُ حاكمٌ بِخِلَافِ الشَّرِيعَةِ خَرَجَ عَنْ شَرْطِ متبوعه بالتصميم على تقليده. فالحاصل أَنَّ تَحْكِيمَ الرِّجَالِ مِنْ غَيْرِ الْتِفَاتٍ إِلَى كَوْنِهِمْ وَسَائِلَ لِلْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ الْمَطْلُوبِ شَرْعًا ضَلَالٌ، وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا باللهِ، وَإِنَّ الْحُجَّةَ الْقَاطِعَةَ والحاكم الأعلى هو الشرع لا غيره. ثُمَّ نَقُولُ: إنَّ هَذَا مَذْهَبُ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ ﷺ، وَمَنْ رَأَى سيرَهم والنقلَ عَنْهُمْ وطالعَ أحوالَهم عَلِمَ ذَلِكَ عِلْمًا يَقِينًا، أَلَا تَرَى أَصْحَابَ السقيفةِ لَمَّا تَنَازَعُوا فِي الْإِمَارَةِ - حَتَّى قَالَ بَعْضُ الْأَنْصَارِ ـ: «مِنَّا أَمِيرٌ وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ» (١)، فَأَتَى الْخَبَرُ عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ بِأَنَّ: «الْأَئِمَّةَ مِنْ قُرَيْشٍ» (٢)، أَذْعَنُوا لِطَاعَةِ اللهِ وَرَسُولِهِ ولم يعبأُوا

(١) خبر السقيفة رواه البخاري مُطَّولًا برقم (٦٨٣٠) ومُختصرًا (٣٦٦٨) . (٢) [صحيح] متواتر رواه نحو أربعين صحابيًا كما ذكر ذلك الحافظ ابن حجر، انظر تخريجه في «الإرواء» (٥٢٠) .

1 / 140