Mukhtasar Kitab Al-I'tisam
مختصر كتاب الاعتصام
Daabacaha
دار الهجرة للنشر والتوزيع
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
١٤١٨ هـ - ١٩٩٧ م
Noocyada
فالمكلَّف بِأَحْكَامِهَا لَا يَخْلُو مِنْ أحدِ أُمورٍ ثَلَاثَةٍ:
(أَحَدُهَا): أَنْ يَكُونَ مُجْتَهِدًا فِيهَا: فحكمُه مَا أدَّاه إِلَيْهِ اجْتِهَادُهُ فِيهَا، لأنَّ اجتهادَه فِي الأُمور الَّتِي لَيْسَتْ دَلَالَتُهَا وَاضِحَةً إنَّما يَقَعُ مَوْقِعَهُ عَلَى فَرْضِ أَنْ يَكُونَ مَا ظَهَرَ لَهُ هُوَ الْأَقْرَبُ إِلَى قَصْدِ الشَّارِعِ وَالْأَوْلَى بِأَدِلَّةِ الشَّرِيعَةِ، دُونَ مَا ظَهَرَ لِغَيْرِهِ مِنَ الْمُجْتَهِدِينَ، فَيَجِبُ عَلَيْهِ اتِّبَاعُ مَا هُوَ الْأَقْرَبُ.
(وَالثَّانِي): أَنْ يَكُونَ مقلِّدًا صِرفًا، خَلِيًا مِنَ العلمِ الحاكمِ جملة، فلا بد لَهُ مِنْ قائدٍ يَقُودُهُ، وحاكمٍ يَحْكُمُ عَلَيْهِ، وعالمٍ يَقْتَدِي بِهِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا يُقتدى بِهِ إِلَّا مِنْ حَيْثُ هُوَ عَالِمٌ بِالْعِلْمِ الْحَاكِمِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ عَلِمَ أَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ ذَلِكَ الْعِلْمِ لَمْ يَحِلَّ لَهُ اتِّبَاعُهُ وَلَا الِانْقِيَادُ لِحُكْمِهِ، بَلْ لَا يَصِحُّ أَنْ يَخْطُرَ بِخَاطِرِ الْعَامِّيِّ وَلَا غَيْرِهِ تَقْلِيدُ الْغَيْرِ فِي أَمْرٍ مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ ذَلِكَ الْأَمْرِ، كَمَا أَنَّهُ لَا يُمكن أَنْ يسلِّم الْمَرِيضُ نَفْسَهُ إِلَى أحدٍ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ بِطَبِيبٍ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فَاقِدَ العقل.
(وَالثَّالِثُ): أَنْ يَكُونَ غَيْرَ بالغٍ مَبْلَغَ الْمُجْتَهِدِينَ، لَكِنَّهُ يَفْهَمُ الدَّلِيلَ وموقِعَه، ويَصْلُح فهمُه لِلتَّرْجِيحِ بالمرجِّحَات المُعتبرة فيه تَحْقِيقِ الْمَنَاطِ وَنَحْوِهِ، فَلَا يَخْلُو: إمَّا أَنْ يُعتبر تَرْجِيحُهُ أَوْ نَظَرُهُ، أَوْ لَا، فَإِنِ اعْتَبَرْنَاهُ، صَارَ مِثْلَ الْمُجْتَهِدِ فِي ذَلِكَ الْوَجْهِ، وَالْمُجْتَهِدُ إنَّما هُوَ تابعٌ لِلْعِلْمِ الْحَاكِمِ ناظرٌ نَحْوَهُ، متوجهٌ شَطْرَهُ، فَالَّذِي يُشْبِهُهُ كَذَلِكَ، وَإِنْ لم نعتبره فلا بد مِنْ رُجُوعِهِ إِلَى دَرَجَةِ الْعَامِّيِّ، وَالْعَامِّيُّ إنَّما اتَّبَعَ الْمُجْتَهِدَ مِنْ جِهَةِ تَوَجُّهه إِلَى صَوْبِ العلم الحاكم، فكذلك من نزل مَنْزِلته.
فَعَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ لَا يُتبع أحدٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ إِلَّا مِنْ حَيْثُ هُوَ مُتَوَجِّهٌ نَحْوَ الشَّرِيعَةِ، قائمٌ بحجَّتها، حَاكِمٌ بِأَحْكَامِهَا جُمْلَةً وَتَفْصِيلًا، وأنَّه مَنْ وُجِد مُتَوَجِّهًا غَيْرَ تِلْكَ الوُجهةَ فِي جزئيِّةٍ مِنَ الجُزئيات أَوْ فرعٍ مِنَ الْفُرُوعِ لَمْ يَكُنْ حَاكِمًا وَلَا
1 / 139