2
بشأني أهلي وولدي، ويحول بيني وبين الإصابة من متاع الدنيا إذا كان في الدنيا متاع!
ومهما يكن من شيء فإنني ما رجوت العافية لذاتها، وكيف لي برجاء ما لا أحس ولا أشعر؟ وإنما أرجو ألا أبتلى بالأسقام والعلل، فإذا لم أذكر المرض فهيهات أن يجري ذكر الصحة لي على بال!
ثم إني ذات صباح لأحس وجعا في بطني، فلا أوجه الأمر بادئ بدء إلا على أن أحشائي مغصة من أثر برد أو من فعلة طعام تجهمت له الأمعاء، فلم يجد له من خلالها لطف مساغ، فاحتميت على عادتي وتحرمت الطعام، أرجو أن يزول عني مغصي إذا انقضى النهار.
ويذهب النهار ويقبل الليل، فإذا المغص مقيم على غمزه ما يبرح ولا يريم، ثم يكون الغد فإذا هذا الغمز في الحشا يستحيل وخزا، فأظل على تحرمي واحتمائي، وجعلت أختلف على ألوان الرصفات تبتغى لمثل ما أنا فيه، ولكن الألم يزيد على هذا ولا ينقص، وينبسط في بطني ولا ينقبض!
وتجوز بي على ذلك بضعة أيام لا يكرثني الأمر ولا أراه حقيقا بالاعتداد به والاحتفال له، حتى إذا رأيت أن الألم قد طالت مدته، واشتدت وقدته، لم أر بدا من العياذ بالطب بعد أن أعيا علي ما تعودت الاستراحة به ألوان العلاج.
ولكن لقد أخطأ الطبيب شخص الداء، فسرعان ما استفحلت العلة وتمردت المعى على الدواء، فما أولاها على التمرد إلا عقابا، ولا أصلاها على الإباء إلا تأليما وعذابا!
وبعد أسابيع عراض نهرها، طوال لياليها، ينحسر الشك عن داء عقام، وعلة لا يرتقي إلى خطرها كثير من الأسقام.
وهنا أرجو أن يصدقني القارئ إذا زعمت أن الوقوع على حقيقة المرض ومبلغ خطره لم يتعاظمني ولم يدخل على نفسي الذعر بقدر ما يتصور، فإن كان قد مسني شيء من هذا فلعله قد ذهب به أو خفف من وقعه استراحتي إلى حقيقة شأني بعد تلك الحيرة الطويلة المملة العنيفة، وإذا عرف الداء، سهل - كما قالوا - الدواء، وإذا وقع في التقدير أن علتي مما لا يرجى منه الشفاء، إذن فقد بلغت حد اليأس، واليأس - كما قالوا - إحدى الراحتين!
إذن لم يكن كل همي إلى علتي، فلقد استهلكه دونها همي بما يعنيني من الأوجاع والآلام، وإن قصارى جهد المرض أن يرديني، وأهون بها من غاية، فلكم والله ابتغيت هذا الردى فلم يسعدني به المقدار! •••
Bog aan la aqoon