والقصد: هو الطريق المستقيم. ولم يكن ضلالنا عن القصد في درس الأدب وحده، بل شمل ذلك سائر العلوم الأخرى. يقول عالم الفضاء المصري الدكتور فاروق سيد (١) الباز: "إن العلوم التي نتعلمها وندرسها في جامعاتنا العربية، هي علوم قائمة أصلًا على تفكير غربي، قامت لخدمة المجتمعات الغربية، ولأضرب لك مثلًا واقعًا من خبرتي ومن واقع تخصصي، لقد تعلمت الجيولوجيا في مصر، فكانت كلها تدور حول ما يتعلق بجبال الألب في أوربا، وجبال لابلاش في شرق أمريكا، وروكي في غربها، أما وادي النيل، وصحراء مصر التي تشكل ٩٦% من مساحة الأراضي المصرية كلها، فلم أتعلم منها ولا كلمة" (٢) .
ومعلوم أن علماء الغرب ومفكريه لم يلتفتوا إلى تراثنا إلاّ في تلك الأيام الخوالى التي كانوا يقيمون فيها حضارتهم، فاتكئوا اتكائا ظاهرًا على حضارتنا أيام ازدهارها وبسط سلطانها على الدنيا كلها، وقد عرفوا ذلك من خلال قنوات معروفة كالجوار والحروب والسفارات. أما في أيامنا هذه التي اغتالونا فيها اغتيالا، فهم في شغل عن فكرنا وأدبنا، ولا يخدعنك ما تقرأه عن ترجمة أعمال بعض أدبائنا إلى الإنجليزية أو الفرنسية أو الألمانية، فهذا من باب إحكام القبضة وشد الوثاق للوقوع في التبعية
_________
(١) الشيخ سيد الباز هذا كان من فضلاء علماء الأزهر الشريف. ونم طريف ما يذكر أنه ﵀ كان من طبقة المشايخ الذين يدرسون العلوم الرياضية كالحاسب والجبر والهندسة، وقد درست عليه شيئا من ذلك في معهد القاهرة الديني الابتدائي بالأزهر في وائل الخمسينات الميلادية.
(٢) من حديث صحفي، حكاه الدكتور محمد محمد أبو موسى، في كتابه: الإعجاز البلاغي ص٧.
1 / 13