Maxamed Cali Janaax
القائد الأعظم محمد علي جناح
Noocyada
واتبع في إدارة العصبة نهجا ديمقراطيا يؤازره نهج دكتاتوري صارم عند اللزوم، فإذا أنس من بعض الأعضاء اعتراضا أو سمع منه نقدا جمع المجلس وبسط فيه موضوع الاعتراض أو النقد للمناقشة في صراحة وسماحة، وقد تطول المناقشة ساعات وتؤجل من جلسة إلى جلسة حتى تتقارب وجهات النظر أو يقر المعارضون رأي الموافقين.
فإذا لزمت الصرامة عمد إليها في حزم وسرعة كائنا ما كان مقام الأعضاء أو غير الأعضاء الذين استوجبوا تلك الخطة الصارمة، ومن ذاك أنه أسرع إلى فصل كل وزير مسلم قبل الوزارة بغير إذن العصبة، وكلهم من أصحاب المقامات والأخطار الكبار، ولما نوقش في قراره قال: إن الشعب الإسلامي لم يطالب بحقوقه لتفرض عليه «السلطة» مرشحيها وتحسبهم عليه نوابا يعملون بمشيئته ويستمتعون منه بالثقة والتأييد، ولكنه طالب بتلك الحقوق ليختار من يشاء، ولا يترفع أحد عن الرجوع إليه قبل ولاية الحكم الذي يستمده منه ويجريه عليه.
وقد ينصح وهو يعني الأمر المطاع إذا خولفت النصيحة. ويروى عنه أن رجلا من كبار المسلمين زاره بعد زيارة الأقاليم الإسلامية؛ فسمع غاندي بأخبار هذه الزيارة، وأرسل في دعوته للقائه وصرفه عن مقاطعة المؤتمر ومطاوعة العصبة في تنفيذ برامجها، فأطلع الرجل جناحا على الدعوة وسأله رأيه فيها، فلم يصانع جناح ولم يداور في الجواب، بل قال له في كلمات موجزة: «خير لك ألا تذهب.»
قال الرجل: «أنصيحة هي أم أمر؟»
قال جناح: «إن لم يكن بد فليكن أمرا، ولتعلم بعض المحظور الذي أخشى منه عليك منذ الخطوة الأولى ... إنك ستذهب إلى غاندي فيتلقاك بتحية البراهمة مضموم الكفين، ويدعوك أدب المجاملة أن ترد تحيته بمثلها، فإذا بالصحف تنشر لك صورتك على هذا النحو ولا تنشر معها صورة غاندي، وإذا بهذه الصحف متداولة بين جماهير المسلمين ممن يفقهون ولا يفقهون، فيريبهم من رئيس مسلم أن يحاكي البراهمة في تحياته، ولا يعلمون عنها أنها تحية مختارة ومحاكاة مقصودة، ولا تدري أنت ما يتهامس به الشعب، وما يضاف إليه من الحواشي والإشاعات حتى تهم بإصلاحه وتوضيحه، وقس على هذه المناورة مناورات مثلها لا حاجة بك أن تستهدف لها وتبتلى بسوء أثرها.»
قال جناح: «وأما وقد علمت الآن شيئا من أسباب النصيحة التي حسبتها أمرا؛ فارجع إليها واحسبها نصيحة وإن شئت قبلتها وإن شئت أعرضت عنها.»
قال بلوتارك أستاذ التراجم والسير في الأدب الإغريقي القديم: «إن كلمة أو نكتة تروى عن العظيم قد تنم على ملكات له وأخلاق لا تنكشف للناس من روايات الفتوح والخطوب الجسام.»
ونصيحة جناح تلك كافية لجلاء ما طبع عليه من الحزم والدهاء والفطنة لحيل الخصوم وأطوار الجماهير.
ولقد ظهرت يد جناح في تنظيم العصبة وجذب الأنصار إليها ظهورا مفحما في الانتخابات الثانوية التي أجريت ما بين سنة 1938 وسنة 1942، فإن العصبة نجحت في ست وأربعين دائرة من ست وخمسين، ولم ينجح من مرشحي المؤتمر المسلمين غير ثلاثة نواب، وبقية الناجحين من المستقلين.
وأذيع إحصاء عن عدد المشتركين في العصبة سنة 1941 فبلغوا مليونا وتسعة وثمانين ألفا، وهو عدد يقارب عدد المشتركين في المؤتمر على قدمه وضخامة موارده، ولم يكن أعضاء العصبة يزيدون في سنة 1939 على ستمائة ألف من المشتركين، وهو مع هذا عدة أضعاف المشتركين قبل ذلك بأربع سنوات.
Bog aan la aqoon