الحمد لله إذ لم يأتني أجلي ... حتى لبست من الإسلام سربالا
على أنه لو كان بعد الإسلام لكان إرادة الدنيوي في غاية الوضوح، إذ المراد تهوين أمر الدنيا والتنفير عنها والتزهيد فيها كما وقع ذلك في كلام كثير من أهل الإسلام.
الثاني أن يكون أيضًا كلامًا في الحقائق، فإن النعيم كله ممكن حادث، فهو بصدد الزوال والفناء فعلًا أو قوة، وما بقي منه إنما بقي بإبقاء الله تعالى لا بذاته.
الثالث أن يراد أن كل نعيم ناله العبد وتنعم به فهو زائل عنه قطعًا بالشخص، وإنما تتجدد أمثاله، وهذا قدر مشترك بين الدنيوي والأخروي، قال النبي ﷺ في متاع الدنيا: " وَإنَّمَا لَكَ مِنْ مَالِكَ مَا أكَلْتَ فَأفْنَيْتَ، أوْ لَبِسْتَ فَأبْلَيْتَ، أوْ تَصَدَّقْتَ فَأمْضَيْتَ ".
وقال تعالى في نعيم الآخرة:) كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ (. وقول الحطيئة:
من يفعل الخير لا يعدم جوازيه ... لا يذهب العُرْفُ بين الله والناس
وقول طرفة بن العبد:
ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلًا ... ويأتيك بالأخبار من لم تزود
وكان ﷺ ينشده أحيانًا استحسانًا فيقول: ويأتيك من لم تزوده بالأخبار، ويقول: " هُمَا سَوَاءٌ " أي التركيبان، يعني في المعنى، فيقول أبو بكر ﵁: أشهد أنك رسول الله، قال تعالى:) وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ (وقول النابغة:
ولست بمستبقٍ أخًا لا تَلُمُّهُ ... على شعثٍ، أي الرجالِ المهذب؟
وقول امرئ القيس:
وإنك لم يفخر عليكَ كفاخر ... ضعيف ولم يغلبْك مثل مغلَّبِ
" وأخذه أبو تمام فقال:
وضعيفة فإذا أصابت قدرة ... قتلت، كذلك قدرة الضعفاء
البيت من قصيدته التي مطلعها:
قدك اتئب أربيت في الغلواء ... كم تعذلون وأنتم سجرائي
والبيت شحره التبريزي بقوله: يقول: " الخمر على شدتها ضعيفة ليس لها بطش، فإذا أكثرت منها قتلت ". وقوله: " كذلك قدرة الضعفاء يعني أن الضعيف يعمل الشيء بفرق فهو لا يبقي مخافة أن يعطف عليه فلا يكون له فضل في المقاومة ".
وقول زهير:
ومن يجعل المعروف من دون عرضه ... يَفِرْهُ ومن لا يتق الشتم يشتم
وأخوات هذا البيت في ميميته مثله، وهي مشهورة لا نطيل بها.
غيره:
لذي الحلم قبْلَ ما تُقرَعُ العصا ... وما عُلَّمَ الإنْسانُ إلاّ ليعلما
وقوله:
قليلُ المال تصلحهُ فيبقى ... ولا يبقى الكثير مع الفساد
غيره:
العبد يقرع بالعصا ... والحرّ تكفيه الملامه
وقول عبد الله بن معاوية:
فعين الرضا عن كل عيب كليلةٌ ... ولكن عين السخط تبدي المساويا
وقول القُطامي:
قد يدرك المتأني بعض حاجته ... وقد يكون مع المستعجل الزلل
وقوله:
والناس من يلق خيرًا قائلون له ... ما يشتهي، ولأمِّ المخطئ الهَبَلُ
وسبقه إلى الأول عدي بن زيد في قوله:
قد يدرك المبطئ من حظه ... والخير قد يسبق جهد الحريص
وقول عمرو بن براقة:
فما هداك إلى أرضٍ كعالمها ... ولا أعانك في عزم كعزام
وقول عبد الله بن همام:
وساع مع السلطان ليس بحارس ... ومحترس من مثله وهو حارس
وقول عبيد بن الأبرص:
الخير يبقى وإن طال الزمان به ... والشر أخبث ما أوعيت في زاد
وقول حسان بن ثابت ﵁:
ربّ حلم أضاعه عدم الما ... ل وجهل غطى عليه النعيم
وزعموا أن حسان بينما هو في أُطُمِه، وذلك في الجاهلية، إذ قام في جوف الليل فصاح: يا للخزرج فجاءوا وقد فزعوا، فقالوا: ما لك يا ابن الفريعة فقال: بيت قلته فخفت أن أموت قبل أن أصبح فيذهب ضيعة، خذوه عني، فقالوا: وما قلت؟ فأنشد البيت المذكور.
وقول أبي ذؤيب:
والنفس راغبة إذا رغبتها ... وإذا ترد إلى قليل تقنع
وقول زهير:
وهل ينبت الخطِّيُّ إلاّ وشيجه ... وتغرس إلاّ في منابتها النخل
غيره:
أرى كل عود نابتًا في أرومةٍ ... أبى منبت العيدان أن يتغيّرا
وقول بشار:
تأتي المقيمَ وما سعى حاجاتُه ... عددَ الحصا ويخيب سعي الطالب
غيره:
1 / 33