Mughalatat Lughawiyya

Cadil Mustafa d. 1450 AH
176

Mughalatat Lughawiyya

مغالطات لغوية: الطريق الثالث إلى فصحى جديدة

Noocyada

العربية لغة إفصاح وإبانة، والإعراب، أي تغير نهايات الكلمة وفقا للمعنى المقصود، من آلياتها الرئيسة لتحقيق الدقة في الدلالة والوضوح في المعنى.

روي أن رجلا دخل على أمير المؤمنين علي كرم الله وجهه، فقال من غير إعراب: «قتل الناس عثمان»، فقال له أمير المؤمنين: «بين الفاعل من المفعول رض الله فاك». وروي أن أبا الأسود الدؤلي قالت له ابنته وهي تتأمل السماء: «ما أجمل السماء»، فقال لها: «نجومها»، فقالت: «ما عن هذا أسأل، وإنما أنا أتعجب» فقال: «إذن فقولي: ما أجمل السماء»، وسواء أصحت هذه الروايات أم كانت من خيال واضعيها، فإنها تكشف عن الوظيفة الدلالية للإعراب. الإعراب ضروري للإفادة والإبانة وتماسك المعنى، والإعراب ضروري للكتابة البليغة والشعر الرفيع؛ لأنه يتيح للكاتب التقديم والتأخير وهو بمأمن من اللبس والغموض، فيكون حرا في الارتكاز على ما يشاء من عناصر الجملة، ويقدم الأهم على المهم، ويحقق في السبك قيما تشكيلية وموسيقية ما كانت تتأتى لولا الإعراب الذي يضم حبات الجملة في سمط واحد ويضمن لها ألا تنفرط مهما اختلف ترتيبها وتتابعها. واللغات التي تتنازل عن الإعراب (مثل العامية، ومثل اللغات الأوروبية الحديثة بعامة) تضطر إلى تقييد الترتيب في عناصر الجملة لكي يؤدي وظيفة الإعراب. مثل هذه اللغات أسهل من لغة الإعراب بما لا يقاس، غير أنها تشتري السهولة بثمن باهظ: بالغل والقيد وتصلب الفقرات، والثقلة الموسيقية والدلالية والبيانية.

وفي فن الشعر بخاصة تتجلى أهمية حركات الإعراب، «فإن هذه الحركات والعلامات تجري مجرى الأصوات الموسيقية وتستقر في مواضعها المقدورة على حسب الحركة والسكون في مقاييس النغم والإيقاع، ولها بعد ذلك مزية تجعلها قابلة للتقديم والتأخير في كل وزن من أوزان البحور؛ لأن علامات الإعراب تدل على معناها كيفما كان موقعها من الجملة المنظومة، فلا يصعب على الشاعر أن يتصرف بها دون أن يتغير معناها، إذ كان هذا المعنى موقوفا على حركتها المستقلة الملازمة لها، وليس هو بالموقوف على رص الكلمات كما ترص الجمادات.»

21

قلنا: إن حركات الإعراب تدل على المعاني دلالة تسمح بالتقديم والتأخير ووضع الكلمة في الموضع الذي يناسب مبنى البيت ولا يخل بمعناه، انظر هذا البيت للمتنبي:

أتى الزمان بنوه في شبيبته

فسرهم وأتيناه على الهرم

وانظر هذا البيت:

سوى وجع الحساد داو فإنه

إذا حل في قلب فليس يحول

Bog aan la aqoon