ذكر ابتداء الدولة الأتابكية
كان قسيم الدولة آق سنقر الحاجب. جدّ نور الدين محمود بن زنكى - مملوكا للسلطان العادل عضد الدولة ألب أرسلان، بن داود، بن ميكاييل، بن سلجوق، فربى مع ولده السلطان العادل جلال الدولة ملكشاه، واستمر في صحبته إلى حين كبره، وإفضاء السلطنة إليه، فجعله من أعيان دولته، وأكابر أمرائه، وأخص أوليائه، واعتمد عليه في أموره كلها، وعلت مرتبته ومنزلته إلى أن لقّب: «قسيم الدولة».
وفى سنة ست وسبعين وأربعمائة سيّر السلطان جلال الدولة [ملكشاه] فخر الدولة بن جهير (١) إلى ديار بكر ليتسلمها، وأعطاه الكوسات (٢)، وسيّر معه العساكر، فسار إليها، ونزل بنواحى آمد.
وفى سنة سبع وسبعين وأربعمائة أردفه السلطان بجيش كثيف من جملتهم الأمير أرتق بن أكسب (٣) - أبو الملوك الأرتقية - وكان صاحبها وهو ابن مروان
_________
(١) هو أبو نصر فخر الدولة محمد بن محمد بن جهير، ولى الوزارة للخليفتين القائم والمقتدى، وتوفى سنة ٤٨٣؛ انظر أخباره في: (ابن الجوزى: المنتظم، ج ٩، ص ٢ وما بعدها؛ ابن طباطبا: الفخرى، ص ٢٦٠ - ٢٦٤).
(٢) عرفها (القلقشندى: صبح الأعشى، ج ٤، ص ٩ و١٣) بأنها صنوجات من نحاس شبه الترس الصغير، يدق بأحدها على الآخر بايقاع مخصوص، ومن يتولى ذلك يسمى الكوسى؛ ويشبه أن يكون المقصود بها موسيقى الجيش أو (الطبلخاناة) - كما كانت تسمى في مصطلح العصور الوسطى -؛ وفى (المنتظم: ج ٩، ص ٦) جملة توضح هذا المعنى وتؤكده، قال: «وعقد للوزير فخر الدولة على ديار بكر، وخلع عليه الخلع، وأعطى الكوسات، وأذن له في ضربها أوقات الصلوات الخمس بديار بكر، والصلوات الثلاث: الفجر والمغرب والعشاء في المعسكر السلطانى».
(٣) في الأصل: «أكشت»، وقد ضبط الاسم بعد مراجعة (ابن خلكان: الوفيات، ج ١، ص ١٠٧؛ ابن الأثير: الكامل، ج ١٠، ص ٥٤؛ Lane - Poole: M . Dynasties، P. ٦٦١)
وذكر ابن خلكان أنه يقال فيه أيضا: «أكسك» وبهذا النطق أخذ (Zambaur: Op .Cit . P. ٢٣٠) فرسمه هكذا: «Ortoq b .Eksek»؛ أنظر ترجمة حياته وبيانا بأفراد أسرته في هذه المراجع جميعا نفس الأجزاء والصفحات.
1 / 11