وأما زحل فإن طبيعته باردة فلبرد طبيعته يضاد طبيعة الشمس الحارة لأن الحر إذا زاد نقص البرد والبرد إذا زاد نقص الحر فجعل الميزان شرف زحل والحمل هبوطه خلاف ما جعلوه للشمس وجعل الثور شرف القمر لأن الشمس إذا كانت في الحمل وكان القمر في الثور كان أول ما يظهر ضوئه وهو أيضا أول تثليث القمر وجعلوا هبوطه العقرب لأنه نظير شرفه وجعلوا السرطان شرف المشتري لأن المشتري بطبيعته دال على رياح الشمال المعتدلة فإذا كان في السرطان تنشؤ رياح الشمال المنشئة المنبتة بإذن الله وتقوى طبيعة المشتري وجعلوا الجدي هبوطه لأنه نظير شرفه وجعلوا الجدي شرف المريخ لأن الجدي جنوبي وهو نظير شرف المشتري ولأن طبيعة المريخ محرقة جنوبية فإذا صار فيه قو يت حرارته وجعلوا السرطان هبوطه لأنه نظير شرفه وجعلوا الحوت شرف الزهرة لأن طبيعة الحوت الرطوبة وفيه تبتدئ رطوبة زمان الربيع والزهرة رطبة وإذا صارت فيه قو يت رطو بتها وجعلوا السنبلة هبوطها لأنها نظير شرفها وجعلوا السنبلة شرف عطارد لأن السنبلة برج فيها يبتدئ يبس زمان الخريف وطبيعة عطارد إلى اليبس ما هي فإذا صار فيها قوي يبسه وجعلوا الحوت هبوطه لأنه نظير شرفه الفصل السابع في علة أشراف الكواكب على ما يوافق قول هرمس
إن الأشياء التي لها ابتداء هي في أول ابتدائها في إقبال وزيادة وفي وسطها أقوى وأشد ما تكون وفي آخرها تكون مدبرة ضعيفة والدليل على ذلك أن كل مطبوع من حيوان أو نبات فإنه في حداثته يكون مقبلا زائدا وفي وسطه أقوى ما يكون وفي آخره يكون مدبرا ضعيفا فلذلك يقال إن كل كوكب في ابتداء البروج يكون مقبلا زائدا وفي وسطها أقوى ما يكون وفي آخرها يكون مدبرا ضعيفا وكذلك هي في أول تشريقها واستقامتها ووسطها وآخرها
Bogga 478