ونعود إلى العمل فأقول إن مسرح «الإجبسيانة» أعد بالفعل، بس من غير سقف ... فجمعت الفرقة بعد أن أعددت مع الأستاذ أمين صدقي أولى الروايات التي أزمعنا إخراجها وهي رواية «أم أحمد».
وقد انضم إلى الفرقة في هذه الأثناء الأستاذ حسين رياض وفي يوم 17 سبتمبر سنة 1917، افتتحنا مسرح الإجبسيانة، وبدأنا عملنا فيه بنجاح كان فاتحة سعيدة.
وإن شئت أن أحدثك عن الإقبال الذي كانت تتمتع به فرقتنا من الجمهور، فيكفي أن أقول لك إن شباك التذاكر كان يقفل قبل موعد التمثيل بأكثر من ساعة لنفاد التذاكر.
وفي أواخر عام 1917 استأثرت رحمة الله بالفقيد الكريم الشيخ سلامة حجازي، فامتلأت قلوبنا حزنا عليه، ورأيت أن الواجب يدعونا جميعا إلى إعلان الحداد العام، وتعطل العمل في المسرح ليلة بهذه المناسبة. ولكن المسيو كنجس رفض أن يجيبنا إلى تلك الرغبة قائلا إنه يكفي لإعلان الحداد وقف التمثيل بضع دقائق!!
وانتهى هذا التضارب في الرأي إلى انسحابي من الفرقة نهائيا، وتصميمي على التضحية بعملي مهما كانت النتيجة.
وأسند صاحب التياترو دوري في رواية «دقة بدقة» إلى الأستاذ حسين رياض، وسار العمل في (الإجبسيانة) بعد انسحابي بضعة أيام لا تتجاوز الأسبوع، ثم تدهورت الفرقة وانفض الناس من حولها، واضطر المسيو كنجس إلى إقفال مسرحه، والعودة إلى الدخول معي في مفاوضات جديدة.
لم تكن تعجبني خطة كنجس في إدارة الفرقة، ولذلك عرضت عليه اقتراحا يتضمن كف يده عن الإدارة، بل وعن كل شيء في نظير أن يتقاضى 30٪ من الإيراد يوميا! فقبل، ومن تلك اللحظة بدأ تاريخي في إدارة الفرقة التمثيلية.
موازنة الميزانية في شهرين
جردت ما في جعبتي من متاع، فإذا الخزينة لا تحوي غير خمسين جنيها فقط لا غير!! ومع ذلك ألفت الفرقة وقبل الممثلون بارتياح كبير أن يعملوا تحت إدارتي، فأعددنا رواية «حماتك تحبك» من وضع الأستاذ أمين صدقي. وبعدها رواية «حلق حوش». وبعد شهرين هما - نوفمبر وديسمبر - عدت إلى جرد الخزينة للاطمئنان على حالة الاحتياطي، ولكنني رأيت رأس المال كما كان ... خمسين جنيها بلا زيادة ولا نقصان! أي أنني استطعت «موازنة» الميزانية بأن جعلت الإيرادات مساوية للمصروفات، وكان الله يحب المحسنين!
لكن ده مش الغرض يا محترم! إحنا عاوزين غير كده.
Bog aan la aqoon