وقوله تعالى في الأنعام: ﴿الْأَنْعَامَ لِتَرْكَبُوا مِنْهَا وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ﴾ وأما أبو يوسف ومحمد ذهبا إلى إباحة لحومها ومنعا ما احتج به مالك بأن الله تعالى قال: ﴿وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ﴾ ولم يكن مانعا أن يكون خلقهم لغير الاختلاف أيضا غذ قال: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ فكذلك قوله: ﴿لِتَرْكَبُوهَا﴾ لا يكون مانعا أن يكون مخلوقا للركوب ولما سواه مما قد أباحه بسنة الرسول ﷺ ومثله في الحديث بينما رجل يسوق بقرة قد حمل عليها التفتت إليه البقرة فقالت إني لم أخلق لهذا إنما خلقت للحرث فقال الناس سبحان الله بقرة تتكلم فقال رسول الله ﷺ: "إني أؤمن بهذا وأبو بكر وعمر". ولم يكن ذلك مانعا من أكل لحومها لما أباح الله تعالى ذلك.
في جلد الميتة
عن عبد الله بن عكيم قال: قرئ علينا كتاب رسول الله ﷺ ونحن بأرض جهينة وأنا غلام شاب "أن لا تنتفعو من الميتة بإهاب ولا عصب" فيه ما يدل على حضوره لذلك وسماعه إياه من كتاب رسول الله ﷺ وفي غيره من الأحاديث جاءنا كتاب رسول الله ﷺ وكتب إلينا رسول الله ﷺ فيحتمل أن يكون لم يحضره ومعناه كتب إلى قومنا وهذا جائز في كلامهم وله نظائر في الحديث وقد حققه ما روى عنه أنه قال حدثني أشياخ بجهينة قالوا: أتانا كتاب رسول الله ﷺ أو قرئ علينا كتاب رسول الله ﷺ فذكره فلم يتم حجة إذ لم يسم الأشياخ حتى يعرف أنهم ممن يجوز الأخذ عنهم أم لا وحديث ابن عباس عن ميمونة في أمره غيابهم بدباغ جلد الشاة التي ماتت لهم وقوله لهم عند ذلك: "إنما حرم أكلها" أولى منه لصحة مجيئه واستقامة طريقه وعدل رواته وروى عنه أن الشاة كانت لسودة وذكر فيه ما يدل أن ذلك القول كان من رسول الله ﷺ لهم بعد إنزال الله لهم تحريم الميتة وروى عنه أنه قال