259

Mucjiz Ahmad

اللامع العزيزي شرح ديوان المتنبي

Noocyada

Maansada
إنّ السّلاح جميع النّاس تحمله ... وليس كلّ ذوات المخلب السّبع كل ذوات المخلب السبع: مبتدأ وخبر. في موضع نصب بخبر ليس، والاسم: مضمر وهو ضمير الأمر والشأن. وقيل: إن ليس ها هنا بمنزلة ما في لغة بني تميم لا ينصب خبرها. يقول: ليس كل من يحمل السلاح شجاعًا، كما أن ليس كل ذي مخلب أسد، فقد يحمل الجبان السلاح كما يحمله الشجاع، وقد يكون لغير الأسد مخلب، كالكلب والذئب والضبع، كما يكون للأسد. وتوقف سيف الدولة في الغزاة الصائفة في جمادي الآخرة سنة أربعين وثلاث مئة ببقعة عربسوس على افتراق القرى ثم أصبح صافا يريد سمندو، وقد اتصل به أن العدو بها جامعًا معد في أربعين ألفا، فتهيب جيش سيف الدولة الإقدام عليها، وأحب سيف الدولة المسير إليها، فاعترضه أبو الطيب وأنشده ارتجالا فلما بلغ إلى قوله: وإن كنت سيف الدّولة العضب فيهم قال سيف الدولة: قل لهؤلاء وأومأ بيده إلى من حوله من العرب والعجم - يقولوا كما تقول حتى لا ينثني الجيش، فما تجمل أحد منهم بكلمة. نزور ديارًا ما نحبّ لها مغنى ... ونسأل فيها غير سكّانها الإذنا المغنى: المنزل. والضمير في لها وسكانها للديار. يقول: نحن نزور ديارًا لا نحب مغانيها، لأنها ديار الأعداء، لا ديار الأحباب، وإن كانت هذه ليست بزيارة، غير أن الصورة صورة الزيارة، لأنا لا نريد المقام بها كما يفعل الزائر، ونحن نسأل لدخول هذه الديار الإذن من غير سكانها الذين هم الروم، فنستأذن سيف الدولة، وندخلها بإذنه. نقود إليها الآخذات لنا المدى ... عليها الكماة المحسنون بها ظنّا الكناية في إليها ولها للديار، وفي عليها بها للآخذات، والمدى: الغاية. يقال: أخذ هذا الفرس المدى: إذا سبق. يقول: نقود إلى ديار الروم خيلًا سوابق، عليها شجعان، يحسنون الظن لأنهم جربوها فعرفوها بالجودة. ونصفي الّذي يكنى أبا الحسن الهوى ... ونرضى الّذي يسمى الإله ولا يكنى يقول: نصفي الحب للّذي كنيته: أبو الحسن، وهو سيف الدولة، ونرضي الله تعالى، وذلك اسمه، ولا يجوز أن يكنى. وقد علم الرّوم الشّقيّون أنّنا ... إذا ما تركنا أرضهم خلفنا عدنا يقول: قد علم الروم الأشقياء أنا إذا ارتحلنا عن ديارهم، عدنا إليها مرة أخرى، ولا نزال نعاودهم حتى نستأصلهم. وإنّا إذا ما الموت صرّح في الوغى ... لبسنا إلى حاجاتنا الضّرب والطّعنا صرح: ظهر، وانكشف. يقول: قد علموا أنا نخوض الضرب والطعن، حتى نصل إلى مرادنا ولا يردنا عنه الموت الصريح. قصدنا له قصد الحبيب لقاؤه ... إلينا، وقلنا للسّيوف هلمّنّا الضمير في له يعود إلى الموت. وفي قوله لقاؤه إلى الحبيب. يقول: إذا ظهر الموت في الحرب قصدنا إليه مسرعين. كما نقصد جيبًا نشتهي لقاءه وأشهدنا علينا السيوف، وقلنا لها تعال إلينا. وهلم: اسم للفعل ومعناه: تعال، وهو مركب من فعل وحرف أصلها لم فها تنبه ولم أمر من لم. إذا أتاه والأمر: لم يا رجل. وألم يلم والأمر منه ألمم. ثم جعلا اسمًا واحدًا. وقيل: هلم فيه لغتان: إحداهما: التسوية بين المذكر والمؤنث والتثنية والجمع. والثانية: التمييز فتقول: هلما: يا رجلان وهلموا يا رجال، وهلمي يا امرأة. وما في البيت على هذه اللغة، لأنه خطاب للسيوف وأصله هلمي يا سيوف ثم أدخلوا عليه النون الثقيلة فحذفت الياء لسكونها وسكون النون الأولى بعدها فبقي: هلمن فعلى هذا يكون بكسر الميم كما تقول: اضربن يا امرأة. وحكى عن المتنبي أنه كان ينشده بضم الميم، فعلى هذا يكون أجرى السيوف مجرى المذكرين ممن يعقل. كقوله تعالى: " كلّ في فلكٍ يسبحون " ورأيتهم لي ساجدين. وكان أصله هلموا فلما أدخل عليه النون للتأكيد الثقيلة حذفوا الواو؛ لسكونها وسكون النون الأولى، لأن النون الثقيلة كالتنوين. وخيلٍ حشوناها الأسنّة بعدما ... تكدّسن من هنّا علينا ومن هنّا حشوناها الأسنّة: أي طعنّاها، وأدخلنا الأسنّة في جلودها، أي رب خيل ملأنا جلودها بالأسنة، بعدما اجتمعن علينا من ها هنا وها هنا، أي من كل جانب. أو من اليمين والشمال، حتى تفرقت عنا مدبرة بين أيدينا. ضربن إلينا بالسّياط جهالةً ... فلمّا تعارفنا ضربن بها عنّا

1 / 259