136

Mucjiz Ahmad

اللامع العزيزي شرح ديوان المتنبي

Noocyada

Maansada
يقول: أمطرتني حتى رويت وشكرتك على ذلك، ونعمك بلغتني المنزلة الرفيعة. فمتى أقوم بشكر ما أوليتني ... والقول فيك علو قدر القائل؟! يقول: متى يمكنني أن أقوم بشكر ما أوليتني من النعم؟ فأنا إذا شكرتك ومدحتك، فإن مدحي فيك يرفع قدري ويشرفني، فيكون ذلك نعمة منك علي، يجب القيام بشكرها، وذلك الشكر نعمةٌ، فإذا كان الحال هذا، كيف يمكن القيام بشكرك؟ أخذه من قول محمود الوراق: إذا كان شكري نعمة الله نعمةً ... علي له في مثلها يجب الشكر فكيف أداء الشكر إلا بعونه؟ ... وإن دنت الأيام واتصل العمر وكان بدرٌ قد تاب من الشراب مرةً بعد أخرى، فرآه أبو الطيب يومًا يشرب فقال له: يا أيها الملك الذي ندماؤه ... شركاؤه في ملكه لا ملكه يقول: إن ندماءه شركاؤه في ملكه أي ماله مبذول لندمائه، وأما ملكه ورئاسته فمختصة به، لا يشركه فيها غيره؛ لأن بذله غير جائز ومثله: ولو جاز أن يحووا علاك وهبتها ... ولكن من الأشياء ما ليس يوهب في كل يوم بيننا دم كرمةٍ ... لك توبةٌ من توبةٍ من سفكه يقول: كل يوم بيننا خمر، وكل يوم توبةٌ من توبةٍ من سفكه. أي سفك هذا الدم أي أنك تتوب من التوبة التي هي توبة من سفكه. والصدق من شيم الكرام فنبنا ... أمن الشراب تتوب أم من تركه؟ أصله: فنبئنا. فأبدل الهمزة ياء، ثم حذفها. وروى أيضًا: فنبئًا، وأصله: فنبئن وهي نون تأكيد ساكنة، فأبدلها ألفًا فقال: نبئًا. يقول: أخبرنا أنك تائب من الشراب، أم من ترك الشراب؟ فقال بدر: بل من تركه يا أبا الطيب. وقال فيه أيضًا يمدحه: بدرٌ فتىً لو كان من سؤاله ... يومًا توفر حظه من ماله يقول: إنك كثير العطاء. يعني من يأتيه فلو كان مثلًا يومًا واحدًا من جملة سائليه، لكان له نصيب وافر من ماله. تتحير الأفعال في أفعاله ... ويقل ما يأتيه في إقباله روى: الأفعال في أفعاله. وروى: الأقوال في أقواله. يقول: إنه يأتي بأفعال بديعة عظيمة، بحيث تتحير أفعال الناس فيها، وإن ما يأتيه من الأفعال العجيبة في جنب إقباله قليلة، وإقباله أعظم من أفعاله. قمرًا نرى وسحابتين بموضع ... من وجهه ويمينه وشماله يقول: إن يديك كالسحابتين، تهطلان بالعطاء، وفي الحرب بالدماء، ووجهك كالقمر، ومن شأن السحاب أن يستر القمر وسحابتاه لا تستران ضياء نوره. وقال ابن جنى: معناه أن يمينه تسح بالعطاء، وشماله تسح الدماء. وهذا غير جيد، لأن أكثر الأعمال إنما تكون باليمين، وكذلك المحاربة. إلا إذا كان الرجل أعسر أيسر، أو يكون دون أعسر. والباء في قوله: بموضع بمعنى في: أي في موضع وإن شئت علقتها بالفعل، فيكون إذ ذاك فارغة لا ضمير لها، وإن شئت جعلتها صفةً لنكرة محذوفة: أي نرى قمرًا وسحابتين كائنتين بموضع. وكذلك من إن شئت علقتها بالفعل، وإن شئت بمحذوف. سفك الدماء بجوده لا بأسه ... كرمًا لأن الطير بعض عياله اللام في لأن بدل من اللام المقدرة في كرمًا. يقول: إنه تكفل بأرزاق الطير، وجعلها من جملة عياله، فهو يقتل أعداءه ليطعم الطير لحوم القتلى؛ لكرمه واعتياده إطعام الطير دائمًا. إن يفن ما يحوي فقد أبقى به ... ذكرًا يزول الدهر قبل زواله يقول: إن كان قد أفنى ماله بسخائه، فقد اكتسب ذكرًا يبقى إلى آخر الزمان. وقوله: يزول الدهر إلى آخره. أي لا يزول ذكره أبدًا، ما دام الدهر؛ لأنه أراد أنه يبقى بعد الدهر، وإنما قصد به تأكيد بقاء الذكر. وهو من قول الآخر: تمر به الأيام تسحب ذيله ... وتبلى به الأيام وهو جديد وسأله حاجةً فقضاها، فنهض وهو يقول شكرًا له على قضاء حاجته: قد أبت بالحاجة مقضيةً ... وعفت في الجلسة تطويلها عفت الشيء: إذا كرهته. وروى: في الجلسة بفتح الجيم وكسرها. يقول: رجعت بقضاء حاجتي، وكرهت تطويل الجلوس بعد قضاء الحاجة. أنت الذي طول بقاءٍ له ... خيرٌ لنفسي من بقائي لها وروى: طول بقاء به. يقول: بقاءك خيرٌ لي، من حياتي لنفسي؛ لأني منك في راحة، وأنا من نفسي في عناء فزاد الله في حياتك من حياتي: دعاء له. فسأله بدرٌ الجلوس فقال يذكر علو منزلة الأمير بدرٍ لما سأله أن يجلس:

1 / 136