Mucjiz Ahmad
اللامع العزيزي شرح ديوان المتنبي
Noocyada
Maansada
يقول: ازجر من يشير عليك في بما لا يليق بكرمك، فإنه ضلة، وإن أطعته في ذلك تكون غير سالك طريق الرشد، فإنه ولد زنا والحر مبتلٍ بأمثاله: أي بأولاد الزنا.
وإذا الفتى طرح الكلام معرضًا ... في مجلسٍ أخذ الكلام اللذ عنا
اللذ: بسكون الذال، لغةٌ في الذي.
يقول: إذا عرض الفتى بكلامه رجلًا، فإن المعنى يأخذ ما عرض به من الكلام.
ومكايد السفهاء واقعةٌ بهم ... وعداوة الشعراء بئس المقتنى
المقتنى: مصدر من اقتنيت الشيء، إذا اكتسبته، ويجوز أن يكون اسم المفعول.
يقول: إن السفيه لضعف رأيه إذا كان عدوًا، رجع ضرر كيده عليه، ومن عادى شاعرًا فقد اكتسب شرًا طويلًا وهجوًا كثيرًا، وذلك بئس المدخر.
لعنت مقارنة اللئيم فإنها ... ضيفٌ يجر من الندامة ضيفنا
الضيفن: الذي يجيء مع الضيف من غير دعوة. روى: من الندامة ومن العداوة.
يقول: لعن الله صحبة اللئام؛ فإنها تعقب الندامة.
غضب الحسود إذا لقيتك راضيا ... زرءٌ أخف علي من أن يوزنا
الرزء: المصيبة.
يقول: إذا رضيت علي يحخف علي عضب من يحسدني. ومثله لأبي فراس:
فليتك تحلو والحياة مريرةٌ ... وليتك ترضى والأنام غضاب
ومثله لآخر:
إذا رضيت عني كرام عشيرتي ... فلا زال غضبانًا علي لئامها
أمسى الذي أمسى بربك كافرًا ... من غيرنا، معنا بفضلك مؤمنا
يقول: أمسى من يكفر بالله، مقرًا بفضلك؛ لأنه يدرك بالأبصار، ومعرفة الله تعالى تستنبط بالنظر والاعتبار والمشاهدة.
خلت البلاد من الغزالة ليلها ... فأعاضهاك الله كي لا تحزنا
الغزالة: الشمس في وقت الضحى. وقدم ضمير الغائب في قوله: فأعاضهاك. وأخر ضمير المخاطب، وذلك ليس بالاختيار إلا في ضرورة الشعر، والهاء: للبلاد. والكاف: للخطاب. وليلها: نصب على الظرف. وتحزن للبلاد.
يقول: لما غابت الشمس عن الأرض ليلًا، فخلت من الشمس جعلك الله لها عوضًا من الشمس؛ لئلا تحزن البلاد لفراقها. يعني: أنه يقوم للبلاد مقام الشمس.
ودخل عليه فوجده خاليًا للشراب، وقد أمر الغلمان بحجاب الناس عنه. فارتجل:
أصبحت تأمر بالحجاب لخلوةٍ ... هيهات لست على الحجاب بقادر
تأمر: خبر أصبح.
يقول: أمرت بالحجاب لخلوةٍ بنفسك، وما أبعد ما أردت! لأنك لا تقدر على الاحتجاب؛ للعلة التي ذكرها وهي قوله:
من كان ضوء جبينه ونواله ... لم يحجبا لم يحتجب عن ناظر
يقول: من كان نور وجهه ظاهرًا، ونواله مبذولا، غير محجوبين، لم يحتجب هو عن عين، وإن أرخيت دونه الحجب.
فإذا احتجبت فأنت غير محجبٍ ... وإذا بطنت فأنت عين الظاهر
يقول: إذا احتجبت فأنت غير محتجب في الحقيقة، وإذا استترت فأنت نفس الظاهر، وأنت الظاهر في الحقيقة.
وسقاه يومًا ولم يكن له رغبةٌ فقال يذكر وده لبدر:
لم نر من نادمت إلاكا ... لا لسوي ودك لي ذاكا
قال ابن جنى: من في قوله: من نادمت نكرة موصوفة بمنزلة رجل. وقوله: نادمت صفة له. لا صلة؛ كأنه قال: لم نر إنسانًا نادمته غيرك. فحذف الهاء؛ وذلك لأنه استثنى منه الكاف، ومن إذا كانت نكرة تقع موقع الجماعة، فيصح الاستثناء منه.
وقد يجوز أن يكون بمعنى المعرفة، واقع موقع الجماعة. وقوله: إلاك قبيح لا يجوز إلا في ضرورة الشعر، لأنه وصل الضمير في موضع الفصل.
يقول: لم نر أحدًا نادمته سواك، وليس ذلك مني لسوى محبتك وودك لي. يعني: إني لا أحب الشراب وإنما نادمتك وشربته محبة مني إليك.
ولا لحبيها ولكنني ... أمسيت أرجوك وأخشاكا
الهاء في قوله: لحييها للخمر. ويجوز أن تكون للمنادمة.
يقول: ما شربت الخمر حبًا لها؛ ولكن شربتها لأني رجوتك أن تقضي حاجتي، وخشيت إن لم أشربها ألا تقضي حاجتي.
وقال أيضًا يفخر بمنادمته الأمير ويمدحه:
عذلت منادمة الأمير عواذلي ... في شربها وكفت جواب السائل
يقول: إن منادمته شرفٌ لي ومجد، فمن عذلني عليها كان بالعذل أولى، ومن سألني عنها لم احتج إلى إجابته؛ لأن المنادمة جواب له بما فيها من الشرف. ومثله للطائي:
عذلت سواكب دمعه عذاله ... بمدامع فندن كل مفند
مطرت سحاب يديك ري جوانحي ... وحملت شكرك واصطناعك حاملي
1 / 135