Dhibaatooyinka Casriga ah ee Magaalooyinka
معضلات المدنية الحديثة
Noocyada
يقول العلامة داروين في الفصل السادس من كتابه «أصل الأنواع»: «لقد اهتزت أوتار العقل البشري من صميمها؛ إذ أعلن لأول مرة في تاريخ الدنيا أن الشمس ثابتة وأن الأرض هي التي تدور حولها، ولم يسلم الناس بهذه الحقيقة الواقعة.» ولكن المثل القائل بأن «كل ذائع لا بد من أن يكون صحيحا.» لا يمكن الأخذ به في مباحث العلوم كما اتفق كل الفلاسفة. ولا جدال في أن أوتار العقل البشري قد اهتزت واضطرب توازنها مرة أخرى عام 1859 عندما أذاع داروين رأيه في الأنواع قائلا: «إن ما كنت أقطع به - كما قطع الطبيعيون - من القول بأن كل نوع من الأنواع قد خلق مستقلا بذاته خطأ محض، وإن الأنواع دائمة التغاير، وإن الأنواع التي نعتبرها من توابع الأجناس هي أعقاب متسلسلة عن أنواع طواها الانقراض.» كذلك اهتزت أوتار العقل البشري مرة ثالثة عام 1905 عندما أعلن العلامة ألفرد أينشتين الألماني رأيه في النسبية التي لم يمض على نشر الرأي فيها بضع سنين حتى أربت المؤلفات التي كتبت في إنجلترا باحثة في حقائقها على الألف، محصت فيها وجوه هذه النظرية العلمية التي دكت معالم الرأي السائد في تطبيق هندسة إقليدس، بعد أن ظلت ثلاثة وعشرين قرنا من الزمان المنارة الوضاءة بما كنا نعتقد أنه الحق، وغيرت الفكرة في جاذبية نيوتن تغييرا تاما.
ظل العالم يعتقد - كما اعتقد القدماء - بأنه لا يوجد إلا ثلاثة أبعاد لا يخرج عنها شيء في العالم المادي، الطول والعرض والعمق، وظللنا نعتقد كما اعتقد الأقدمون بأن الزمان عبارة عن مقدار الحركة من جهة المتقدم والمتأخر، وأن المكان عبارة عن السطح الباطن من الجرم الحاوي المماس للسطح الظاهر من الجرم المحوي، وتابع الناس هذه الآراء على أنها ثابتة في ذاتها، وأن التعاريف الموضوعة فيها تعاريف لا ينالها التبديل ولا الزوال، في حين أن هذه المسائل عامتها مسائل اعتبارية كما قال البعض، وكما أثبتت النسبية في هذا الزمان. •••
لنفرض أن بائعا أراد أن يعلن عن صندوق يريد بيعه وأحب أن يبين في إعلانه حجم الصندوق، فإنه لا يحتاج أن يبين لذلك سوى ثلاثة مقاسات، بأن يعين ارتفاعه وطوله وعرضه، ومن ذلك يعرف الناس مقدار حجمه الطبيعي، فإذا ضربت طول الصندوق في عرضه في ارتفاعه عرفت مقدار سعته. غير أنك إذا تركت قياس هذه الأبعاد إلى أشخاص عديدين خرجت من عملهم بنتائج متناقضة مهوشة، خذ مثلا شخصين أراد كلاهما أن يقيس ذلك الصندوق فقاسه كلاهما متوخيا الدقة، فإنك تجد أن مقاساتهما مختلفة تمام الاختلاف، يقول أحدهما: إن ارتفاعه اثنتا عشرة قدما، ويقول الآخر: إن ارتفاعه ست أقدام فقط، وقد يقضي أولهما بأنه تسع أقدام طولا ويقضي الثاني بأنه اثنتا عشرة قدما طولا، ويقول أحدهما: إنه ست أقدام عرضا، في حين يقول الآخر: إنه تسع أقدام عرضا! فمن أين تأتي هذه الفروق؟ تأتي من أن أحدهما قاس الصندوق وهو قائم وقاسه الثاني وهو في وضع آخر، فكان الذي اعتبره الأول طولا اعتبره الثاني ارتفاعا، وهذه اصطلاحات اعتبارية عند الناس وهي في حقيقتها نسبية للناظر. والاختلافات التي تحدث في مثل هذه الحال قد تسوق الذين يريدون دراسة النسبية إلى كثير من الخلط والفوضى، فإننا في حياتنا العملية نعتبر أن الارتفاع هو البعد المقيس من فوق إلى أسفل، ولكن الخلاف طالما وقع بين الناس على الطول والعرض، أما في المكان فلست تجد بعدا تقيسه من فوق إلى أسفل، والاتجاه الذي تقيس به الأبعاد في «المكان» اعتباري صرف. ولا نتخذ في قياساتنا من شيء ثابت إلا أننا نجعل الأبعاد الثلاثة متصلة بزوايا قائمة، فإذا وجدنا شخصين كلاهما يتوخى الدقة في قياساته قد وصلا إلى تقديرات مختلفة في قياسهما الأبعاد الثلاثة لشيء معين، نقضي غالبا بأن كلا منهما قد اتخذ قياسه من اتجاه مختلف عن اتجاه الآخر. فإذا تحققنا هذا عرفنا بعد ذلك أن الكمية العامة محفوظة في مقاساتها، فما يفقده الأول فيما اعتبره طولا يعوضه الثاني فيما اعتبره ارتفاعا مثلا، وإنه مهما اختلفت مقاساتهما فإن كمية الجرم نفسه تبقى واحدة عندهما.
والآن إذا أردنا أن نطبق هذا البيان على الحالة التي يكون فيها جسم ذو ثلاثة أبعاد متحركا بسرعة عظيمة مخترقا فضاء، بحيث يظهر للرائي من بعيد كأنه منبعج قليلا عند أعلاه وأسفله في حين أن الشخص الذي يحمله هذا الجسم لا يلحظ فيه أي انبعاج مطلقا؛ فهنا نتساءل: ألا يوجد فرق آخر يعوض خطأ التقدير بين الشخصين في البعدين الآخرين؟ لا يوجد فرق كهذا بين تقديرهما في الارتفاع أو العرض؛ لأن هذين البعدين يظلان متماثلين عند كليهما، فهما لا يختلفان إلا من حيث تقدير الطول فقط.
غير اننا إذا قلنا بأن للأجسام أبعادا أربعة بدلا عن ثلاثة كما يخيل إلينا، فهنالك في البعد الرابع نقع على المبدأ الذي يحدث المعاوضة بين تقدير الشخصين، وذلك ما يقع في الطبيعة تماما، فإن البعد الرابع هو بعد الزمان؛ لأنك تجد أن تباطؤ السرعة في الجسم المتحرك تعوض تماما مقدار ما يلوح لك من القصر في طول الجسم نفسه.
وقد تساءل البعض: لماذا لا نحس بوجود هذا البعد الرابع الذي نسميه بعد الزمان؟ السبب في ذلك يرجع إلى أن هذا البعد لا يختلف مطلقا في نظر كل المتطلعين إلى الفضاء من فوق كرة الأرض، إذ لا يوجد إلا مثال واحد لقياس الزمان يتفق عليه كل سكان هذا السيار، ولما كان هذا المثال واحدا لا يختلف فيه اثنان أخرجناه بالطبيعة عن ملاحظاتنا الراجعة إلى حسن النظر، أضف إلى ذلك أننا لم نهيأ بعضو خاص لإدراك ذلك البعد الخفي، وهذا البعد لا يظهر بصور مختلفة إلا في جرم يتحرك بسرعة تختلف اختلافا كبيرا عن سرعة الجرم الذي يحملنا، ولكنه إذا اختلف فكذلك تختلف لاختلافه المقاسات الخاصة بطريق المعاوضة. وبالجملة لا يوجد في الطبيعة شيئان مختلفان كما نظن يقال لأحدهما المكان وله ثلاثة أبعاد ويقال للآخر الزمان وله بعد واحد، بل هنالك شيء واحد يقال له «المكان الزماني» وهو ذو أربعة أبعاد. •••
عرفنا أن القائسين مهما اختلفوا في الاتجاهات التي يقيسون بها جرما معينا فإن حجمه يبقى ثابتا عندهم، إذن فالحكم حقيقة ثابتة في ذاتها، مستقلة تمام الاستقلال عن الاتجاه الذي نقيسها به، وهذه الحقيقة تنطبق تماما على المسافات فضلا عن انطباقها على الأجرام.
افرض مثلا أنك وجدت نقطة تبعد عنك ثلاثة أمتار شرقا وأربعة أمتار شمالا، فمسافتها الواقعة في الشمال الشرقي بشمال تكون خمسة أمتار، تحقق هذا القول بنظرية «إقليدس» التي تثبت أن المربع الذي يقام على وتر الزاوية القائمة في مثلث قائم الزاوية يساوي مربعي الضلعين الآخرين.
ولنفرض أيضا أن بوصلتك قد تختل بحيث يصبح الشمال عندها شمالا غربيا، وإبرتها التي تشير إلى الشرق أصبحت كذلك تشير إلى الشمال الشرقي؛ فماذا تجد؟ تجد أن تلك المنطقة قد تبعد عنك إلى الشمال مترين وإلى الشرق أربعة أمتار ونصف، ولكنك تجد مع ذلك أن مربعاتها 25 تقريبا وأن بعد النقطة لا يزال خمسة أمتار كما كانت من قبل. محصل ذلك أننا نستطيع أن نقيس طول أي شيء وعرضه بطرق تختلف باختلاف إرادتنا، في حين أن النتائج العامة تظل واحدة ما دامت قياساتنا صحيحة. •••
كذلك في «المكان الزماني» ذي الأبعاد الأربعة تجد كمية خاصة لا يؤثر فيها اختلاف الطرق التي تتخذها سبيلا إلى قياسها وتسمى علميا «الفترة
Bog aan la aqoon