Aasaasaha Masar Casriga
الاتجاه السياسي لمصر في عهد محمد علي: مؤسس مصر الحديثة
Noocyada
إلى السلاح، وليصمد لذلك الرجل الذي يسمى إبراهيم باشا، والذي لا إيمان له. ذلك المدمن الذي يعاقر الخمر ويأكل لحم الخنزير وكل ما يخرجه البحر من القاذورات (يشير بذلك إلى أكل إبراهيم باشا الترسة وغيرها من أسماك البحر التي يحرمها الدين الإسلامي) تشبها بالمسيحيين، والذي يسكن الأديرة مع القسيسين ويصلي معهم مع أنه لا يذهب إلى المسجد مطلقا.»
4
وعلى كل فقد اتخذت الإجراءات القاسية لقمع الثورة، وقد جيء إلى محمد علي بثلاثة من زعماء الثوار فأمر بإطاحة رءوسهم في الحال،
5
وتم نزع سلاح المناطق الثائرة، ونفذ نظام الخدمة العسكرية الإجبارية. وبالجملة، فقد قمعت الثورة دون أن تزعزع شيئا من شوكة الباشا.
ولكن الحالة العامة كانت تنذر بالخطر؛ فإن كل فريق كان يرتاب في نيات الآخر ولا يطمئن إليه ؛ ولذا أخذ كل منهما يعد العدة للنضال الحاسم المقبل، وبهذه المناسبة كتب القنصل البريطاني في حلب: «إن كل شيء في سوريا أصبحت عليه الآن مسحة عسكرية، وقد اتخذت كافة الإجراءات لتقوية الجيش وزيادة عدده وعدده، وقد حصنت حزون جبال طوروس وأصبحت جنود الباشا متجمعة خلف حدوده الشمالية، وليس من شك في أن الحالة في الجانب الآخر من الحدود مشابهة للحالة هنا، فلقد حشد الأتراك في قونية ما لا يقل عن 9000 جندي.»
6
أما الشيء الذي استلفت النظر بصفة خاصة في إنجلترا، بل وأدى إلى الامتعاض والتذمر، فهو نظام الخدمة الإجبارية الذي تمكن الباشا بمقتضاه من الاحتفاظ بقواته العسكرية كاملة غير منقوصة بعد أن ازدادت وحداتها. ولم يكن هذا النظام سوى بدعة غير مرغوب فيها في سوريا؛ فإن الباشوات الأقدمين لم يدر بخلدهم شيء من هذا القبيل، بل كانت عاداتهم استخدام بعض الجنود الألبانيين أو غيرهم من الجنود الأجنبية المأجورة؛ لأنهم كانوا يستصغرون شأن صفات السوريين العسكريين.
7
ولكن محمد علي عقد النية على استخدام السوريين في الأعمال الحربية، وإن لم يكن هناك إحصاء بعدد السكان يمكن أن يعتمد عليه الإنسان، كما أنه كان يستحيل عمل مثل هذا الإحصاء، فلم يكن ثمة ندحة عن الالتجاء إلى النظام الروماني لتنفيذ هذا المشروع الذي كان يعتبر في كل جهة بأنه منحوس في حد ذاته ولا مفر من أن يؤدي إلى زيادة عبء الضرائب. ويلوح أن السوريين كانوا لا يزالون يعللون به أنفسهم من الاعتقادات في عهد أوجبسترس؛ فلقد كانوا يعتقدون أن الطريقة الوحيدة التي يمكن بها تنفيذ نظام الخدمة الإجبارية، وهو دعوة عدد معين من الأشخاص في منطقة معينة إلى الخدمة العسكرية وإلقاء القبض عليهم عنوة، ولكن السوريين الذين كانوا يؤثرون ما يلحقهم من إهانات الجنود المأجورين غير النظاميين على التحاقهم أنفسهم بالجيش لم يتركوا حيلة إلا ولجئوا إليها لاجتناب القبض عليهم؛ ففي حلب مثلا اختفى الأشخاص الذين بلغوا السن القانوني عن الأعين عندما صدرت الأوامر في سنة 1833م بدعوة 10000 رجل للالتحاق بالجيش، ففر بعضهم إلى دور القنصليات ليحتموا بحرمها، وجيء بآبائهم لجلدهم بالقرب من النوافذ على أمل إخراج الفارين من مخابئهم، وأخيرا كلف مشايخ أقسام المدينة بذكر عدد الرجال الذين يستطيعون جلبهم للالتحاق بالجيش.
Bog aan la aqoon