Minhaj Muttaqin
كتاب منهاج المتقين في علم الكلام(للقرشي)
Noocyada
الدليل الثاني: من جهة العقل أن أحدنا لا يرى إلا بالحاسة والرأي بالحاسة لا يرى إلا ما كان مقابلا للجسم أو حالا في المقابل كاللون أو في حكم المقابل كالوجه في المرآة والله تعالى ليس كذلك، وهذه ثلاثة أصول، أما الأول فهو ضروري عند أبي الحسين وأصحابه واستدلالي عند الجمهور، والأولى التفصيل فيقال: إن كان الكلام في وقوع الرؤية على هذا الحد فهو ضروري، ولهذا يعلم جميع العقلاء من أنفسهم أنهم لا يرون إلا بالحاسة، ويكذبون من أخبر بخلاف ذلك، وسواء فرضنا الكلام في أن الإدراك معنى أم لا، ألا ترى أن كون القدرة معنى لا تخرج الكتابة عن كونها لا تقع إلا باليد والخصوم يوافقون في هذا، ولكنهم يدعون أنه بمجرى العادة وإن كان الكلام في الصحة فهاهنا ينبغي أن يكون الخلاف بين أبي الحسين وسائر الشيوخ، فعنده أنا نعلم بالضرورة استحالة الرؤية بغير حاسة. ويمكن أن يفصل فيه أيضا فيقال إما أن الرؤية لا يصح إلا بالحاسة التي هي مبنية بنية مخصوصة فليس بضروري؛ لأن الخصوم يجوزون حصول الإدراك في الجزء المتفرد من دون بنية بل يجوزون ذلك في العلم والقدرة ونحوهما. وإما أن الرؤية لا تصح إلا بالآلة سواء كانت تسمى حاسة أو كانت جزءا منفردا على ما يجوزه الخصم فهو ضروري، والخصوم يوافقون فيه ويحيلون وجود الإدراك إلا في محل وإذا كانت كذلك فقد وافقوا في أن أحدنا لا يرى إلا بآلة، وبهذا يحصل غرضنا فإنا سواء، قلنا في عقد الدلالة إن أحدنا لا يرى إلا بالحاسة أو قلنا أن أحدنا لا يرى إلا بالآلة فإنه يحصل به المقصود.
Bogga 220