213

Minhajul Caabidiin

منهاج العابدين

Noocyada

============================================================

وأما عيوب النفس وآفاتها : فقد قدمناها في بابها.

والأمر المخوف : أن العبد يكدح ويدأب سبعين سنة غافلا عن عيوبه وآفاته، فربما لا يكون واحد منها مقبولا، وربما يتعب أعواما فتفسد بساعة واحدة، وأعظم خطرا من ذلك كله : أنه ربما ينظر الله تعالى إلى العبد وهو يرائي الناس بعبادته وخدمته؛ حيث جعل ظاهره لله، وقلبه وباطنه للخلق، فيطرده طردا لا مرد له، والعياذ بالله.

ولقد سمعث بعض العلماء يحكي عن الحسن البصري رحمه الله تعالى أنه رثي في المنام بعد موته، فسئل عن حاله، فقال : أقامني الله تعالى بين يديه وقال : يا حسن؛ أتذكو يوم كنت تصلي في المسجد إذ رمقك الناس بأبصارهم فزدت حسنا لصلاتك ؟ فلولا أن أول صلاتك كان لي خالصا. . لطردتك اليوم عن بابي ، ولقطعتك عني مرة واحدة : ولما كان الأمر في الجملة من الدقة والصعوبة إلى حد عظيم.. نظر أولو الأبصار فيه فخافوا على أنفسهم، حتى إن منهم من لا يلتفت إلى جميع ما يظهر للناس من أعماله ، حتى حكي عن رابعة أنها قالت : ما ظهر من أعمالي لا أعده شيئا .

وقال آخر: اكتم حسناتك كما تكتم سيئاتك.

وآخر يقول : إن أمكنك أن تجعل لك خبيا من الخير. . فافعل(1) .

ولقد حكي : أنه قيل لرابعة : بم تربحين اكثر ما ترتجين؟ فقالت : بيأسي من جل عملي: وحكي : (أنه أجتمع محمد بن واسع ومالك بن دينار، فقال مالك : إما الطاعة وإما النار، فقال محمد بن واسع : إما رحمة الله أو النار، فقال مالك : ما أحوجني إلى معلم مثلك !) (2).

1) البه بفتح الخاء ويكسر-: ما خبىء وغاب، سمي بالمصدر (2) أخرجه أبو نعيم في * الحلية "(349/2) ، وأحمد في الزهد" (1901) .

247

Bogga 247