223

============================================================

حاولوا الرذ على الفلاسفة والحكماء الطبيعية فيما خالفوا فيها الشريعة الحنيفية، فخلطوا بعلم الكلام كثيرا من الفلسفة في مقام المرام ليتحققوا مقاصدها فيتمكنوا من إبطالها وردها وهلم جرا... إلى أن أدرجوا فيه معظم الطبيعيات والإلهيات والرياضيات حتى كاد لا يتميز عن الفلسفيات لولا اشتماله على السمعيات، فصار بهذا الاعتبار مذموما عند العلماء بالكتاب والسنة اللذين يكتفى بهما في أمر الدين من النقليات والعقليات .

ثم اعلم أن القونوي ذكر أبا حنيفة رحمه الله كان يسمى مرجع(1) والسنة، ويسعون من خلال العقل ومسلمات الآخرين لاثبات صحة حقائق الاسلام، فاستنارت بذلك القلوب الحائرة واهتدى بعض من ضل والحمد لله، وقد يكون جميلا أن يكال للعدو بما يكيل، وأن يقال له من فمك أدينك لعلهم يتقون. فالمطالب العالية (9 مجلدات) للرازي فيه شيء من الفلسفة والردود عليها، ونجد ذلك في تفسير الفخر الرازي كذلك. نعم، المبالغة في التعرض للفلسفة حتى تصبح كتب العقائد كأنها كتب الآخرين، لا تقرا فيها آية أو حديثا، فليس ذلك جميلا، فما زال القرآن والسنة ولا يزال الدليل الأقرب والأوثق في اثبات الحقائق.

(1) كان مرجيا: الإرجاء هو الإمهال والتاخير، وهو نوعان: 1- ارجاء بدعة وضلالة، وذلك هو إرجاء من قال: لا تضر مع الإيمان معصية، بل إن الله يغفر كل ذنب وسيثة إذا تحقق الايمان، - وارجاء سنة، وهو إرجاء أهل السنة القائلين: من خرج من الدنيا مؤمنا ال وقد فعل المعاصي والذنوب ولم يتب منها، أن أمره إلى الله تعالى إن شاء غفر له وإن شاء عذبه، والدليل على ذلك، قال تعالى: { إن الله لا يضفر أن يشراه * = 221

Bogga 223