Laga soo bilaabo Tarjumaadda ilaa Hal-abuurka
من النقل إلى الإبداع (المجلد الأول النقل): (٢) النص: الترجمة – المصطلح – التعليق
Noocyada
ولم يكن هناك أدنى حرج عند المترجم العربي في نقل نصوص، تتحدث عن تعدد الآلهة كما هو الحال في ترجمة متى بن يونس لكتاب الشعر، وبلا تصرف كما يفعل حنين ابن إسحاق؛ حرصا على الثقافة التي يترجم إليها؛ فكل شيء يسلم إلى الآلهة يرى ويبصر. أما ما هو خارج عن النطق فلا ينبغي أن يكون في الأمور. تعني الآلهة هنا الإدراك الإنساني، وما هو داخل في حدود المعرفة. وكانت السنة في هذا البلد أن يضحى لله ضحايا من البشر، وهو سبب الفداء إنقاذا لإسماعيل. وهناك من يتضرع لرب السموات، بل إن المترجم قد يضيف الآلهة من عنده، وكأنها عبقر الشعر، وتلهم «الأفى» في المديح دون أن يكون في ذلك «تحريف فاحش»؛ فالله على لسان المترجم كأداة للتمييز، كما هو الحال في استعمالاته في اللغة في الحياة اليومية.
7
وقد أدرك المؤرخون أيضا الفرق بين الأسماء والمسميات. ويضرب البيروني المثل باسم الله في اللغات وترجمته من لغة إلى أخرى والمسمى واحد. وربما تحل مشكلة العقائد والخلاف حولها لغويا خاصة قضية التثليث. يختص الله بهذا الاسم وحده دون غيره مثل الرب في العبرية. كما يشير إلى منطق الترجمة من لغة إلى أخرى عن طريق الاشتقاق.
8
ثالثا: اللغة المتوسطة (السريانية)
وقد يكون أحد أسباب الخطأ في الترجمة من لغة إلى أخرى توسط لغة ثالثة، كما حدث في توسط السريانية بين اليونانية والعربية.
1
وهنا لا يكون الجدل فقط رباعيا بين لفظين ومعنيين في اللغتين، بل سداسيا بين ثلاثة ألفاظ وثلاثة معان في اللغتين المنقول منها والمنقول إليها واللغة المتوسطة؛ وبالتالي يكون احتمال الخطأ مضاعفا: الأول في النقل من اللغة المنقول منها إلى اللغة المتوسطة. والثاني من اللغة المتوسطة إلى اللغة المنقول إليها. ولكن علم الناقل الجيد باللغتين الأولى والثالثة يجعله قادرا على تصحيح أخطاء النقل من اللغة الأولى إلى اللغة المتوسطة؛ فالناقل هنا ينتقل مباشرة من اللغة الأولى إلى اللغة الثالثة، ويصحح أخطاء النقل من اللغة الأولى إلى اللغة المتوسطة؛ مما تتطلب النقل مرة ثانية من اليونانية إلى العربية مباشرة دون اللجوء إلى السريانية. وفي حالة التوسط من النقل عادة ما يكون الناقل الأول الذي على علم باليونانية والسريانية غير الناقل الثاني الذي على علم بالسريانية والعربية. وإذا ما أحس الناقل الثاني من السريانية إلى العربية ببعض الغموض واللبس، فعليه مراجعة الناقل الأول في النص السرياني المتوسط لعله أساء النقل من اليونانية؛ ومن هنا أتى العمل الجماعي في النقل، على الأقل العمل المشترك بين ناقلين. قد يكون الناقل الأول لغويا وليس فيلسوفا، كما هو الحال في حالة الراهب أثانس، فينقل حرفيا أرسطو من اليونانية إلى السريانية، فإذا ما كان الناقل من السريانية إلى العربية فيلسوفا اكتشف الخلل في النقل الأول، وطلب المراجعة عليه قبل النقل الثاني، فإن فهم المعنى هو الطريق لإصلاح اللفظ، فإن لم يجد اعتمد على فهمه الفلسفي الخاص، وأصلح الخلل في النقل الأول بما يتطلبه الفهم الفلسفي، والعقل الخالص واتساق الخطاب. وقد يكون الناقل الثاني على علم باللغة السريانية المتوسطة، فيقوم بالمراجعة بنفسه على النقل الأول؛ مما يتطلب جهدا مضاعفا في مراجعة النقل الأول ثم في النقل الثاني. وقد يكون الناقل واحدا في النقل الأول والنقل الثاني؛ حرصا على النقل وتدرجا فيه واسترشادا بنص متوسط أقرب إلى العربية منه إلى اليونانية، سواء في تركيب الجملة أو في المصطلحات المقابلة. وإن إصلاح الخلل في الترجمات المتوسطة من الناقل أو الناقل الثاني، هو بداية النقل المعنوي المباشر، كخطوة سابقة على التعليق والشرح والتلخيص، إيذانا بمرحلة التأليف. وتستعمل السريانية للمراجعة والتصحيح للترجمة العربية على الأصل اليوناني؛ لإدراك معاني النص الأول؛ لذلك يعتمد على كل الترجمات لتصحيح بعضها بعضا، دون إدخال التضارب بينها، كما هو الحال في القرآن الكريم، والجمع بين الآيات لمنع ضرب الآيات بعضها ببعض. وقد يرضى المترجم عن ترجمته ولا يرضى عن أخرى بالسريانية أو بالعربية. وهو في بحثه عن المعنى في عصر بلاغة، التعبير عن المعنى بأبلغ الطرق؛ فالبلاغة هي التعبير عن المعنى طبقا لمقتضى الحال.
كان من الممكن استعمال لفظ «النقل» للترجمة من اليونانية إلى السريانية، واستخدام لفظ الترجمة للنقل من السريانية إلى العربية أو العكس؛ من أجل التمييز بين النقلين، واستعمال لفظين مختلفين للدلالة على كل مرحلة، بالإضافة على أن النقل من اليوناني إلى السرياني خاص بالحضارة السريانية أساسا، في حين أن الترجمة من السريانية إلى العربية خاص بالحضارة الإسلامية، خاصة وأن النقل من اليونانية إلى السريانية من لغة هندية أوروبية إلى لغة سامية، في حين أن الترجمة من السريانية إلى العربية من لغة سامية إلى لغة سامية أخرى؛ وبالتالي تكون المسافة في النقل بين اللغتين اليونانية والسريانية أبعد من المسافة بين اللغتين السريانية والعربية. النقل اختلاف في النوع في حين أن الترجمة اختلاف في الدرجة. النقل يتم على مستوى اللفظ في حين أن الترجمة تعبير عن المعنى، كما هو الحال في ترجمة معاني القرآن. ومع ذلك تم استعمال اللفظين «النقل» و«الترجمة» على التبادل دون هذا التمييز الدقيق بينهما.
والأقرب إلى العقل أن الترجمة الأولى كانت عبر السريانية، في حين أن الترجمة الثانية كانت من اليونانية مباشرة؛ فالترجمة عبر نص متوسط عادة ما تكون في البداية؛ نظرا لقلة العالمين باللغة الأصلية؛ ولأن هذه النصوص كانت قد ترجمت من قبل إلى السريانية اللغة الدينية لعرب الشام، فكان من السهل بعد ذلك نقلها إلى العربية، من إحدى لهجات اللغة العربية إلى اللغة العربية الأم، وليس من اللغة اليونانية الأجنبية إلى اللغة العربية.
Bog aan la aqoon