Min Caqida Ila Thawra Tawhid
من العقيدة إلى الثورة (٢): التوحيد
Noocyada
112 (3) الرشيد: والعدل والقسط يقومان على العقل، ومن ثم العادل والمقسط رشيد أي على وعي بالعدل وفاعل له. ليس العدل مجرد قانون صوري، بل هو وعي بالعدل يقوم على ضرورة العقل قبل أن يكون بناء للواقع.
113 (4) الحسيب: وهو الذي يحاسب العباد على أعمالهم طبقا لقانون الاستحقاق بعد أن يخلق ما يكفي للعباد. فالاسم يشير إلى ملكة الحكم بمعنيين، الحكم على حاجات الإنسان وإشباعها ثم الحكم على أفعاله طبقا للاستحقاق.
114 (5) الرقيب: وهو المراقب على أفعال العباد والمسجل لها. فلا يضيع عمل أو يذهب هباء دون أثر أو نتيجة. كل فعل يبقى في التاريخ بأثره وحدوثه وفعاليته. وكل فعل محفوظ.
115 (6) الشكور: وهو الذي يشكر عباده على حسن الأعمال وأداء الواجبات وتحقيقهم الرسالة. فالله شكور، أي أنه شاكر في صيغة المبالغة عندما تتحقق الرسالة بفعل الإنسان. الشكر قصد من الله إلى الإنسان وليس قصدا من الإنسان إلى الله كما هو الحال في مقامات الصوفية.
116 (7) الودود: وهو المقترب لعباده المتعاطف معهم الملاطف لهم وليس القاضي المنتقم المحايد الجامد. فالتزام الإنسان بالمبدأ يأتي طواعية واختيارا، عن إرادة وقصد، وبالتالي يكون بينه وبين نفسه وئام ورضا.
117 (8) اللطيف: وهو كالودود الحريص على مصالح العباد، والذي هو أقرب إلى المغفرة والعفو من العقاب والانتقام. وهو ليس اسما من أسماء العقل النظري بمعنى عليم. واللطف حسن المعاملة وكرم المقصد تعبيرا عن الذات العلية والصفات السنية. يدل اللطف على الإنسان بعد أن عجز عن الحصول على ما يريد بفعله الخاص وجهده الذاتي. يدبر وجهه بعيدا عن الواقع ويتجه إلى أعلى طالبا العون من اللطف وحسن الجوار. اللطف لطف بالعباد ، أي أن الصفة ليست موضوعية مستغلقة مغلقة، بل صفة ذاتية مفتوحة تتجه نحو الآخرين مما يدل على أنها نشأت لتحديد علاقة عطاء بن طرفين. يدل اللطف على الرغبة في الرحمة لتعويض عالم القسوة. ونظرا لعجز الإنسان عن مقاومة القسوة بالقسوة، والعنف بالعنف، فإنه يعوض عجزه في الصفة المضادة، وهو اللطيف تعبيرا عن العجز والتخاذل.
118 (9، 10) الرحمن والرحيم: الأول اسم ذات والثاني اسم فعل: الأول ماهية مستقلة، والثانية ماهية قصدية لها متعلق،
119
ليست الصفة مغلقة على نفسها، بل متجهة نحو العالم ومتعلقة بفعل. وكلاهما يعبران عن الجانب الوجداني الذي على أساسه يقوم العفو والمغفرة، التعاطف بين الذوات. تدل صفة الرحمة على عاطفة إنسانية وهي أن الوجود الإنساني قيمة في ذاته، وأن الحب قد يسبق العدل وأن الإنسان عطاء أكثر منه أخذا، وأنه لا يقاس بفعل واحد في لحظة واحدة وزمان واحد ومكان واحد وموقف واحد. الإنسان ماهيته وجوده، أي مجموع أفعاله. الإنسان جوهره ومصيره. تدل الرحمة على أن أفعال الإنسان خطأ وصواب، وأن التعلم من المحاولة والخطأ. كما تدل على البداية من جديد، والجدة المستمرة ونقاء الشعور كما هو واضح في فعل التوبة المقابل لفعل الرحمة. وتدل على الصلة بالآخرين، وأن شعور الإنسان والآخر، هو شعور واحد، شعور الأمة. وتنشأ صفة الرحمة إذا اشتد البؤس الإنساني وفقد الإنسان الأمل ليس فقط في احتمال العدل على الأرض، وأصبح حتى تشخيص العدل وعيشه عزاء لا يكفي. فإذا ما وقع اليأس من العدل ومن كل حل تنشأ صفة الرحمة. وإذا أوحى اللطف بالعطاء بناء على حق الود وإذا أوحى الإحسان بالعطاء بناء على حق الإنسان كإنسان، فإن الرحمة تفضل مطلق من طرف على آخر، ونفي الإنسان لوجوده الخاص ومحوه في سبيل رحمة الطرف الآخر. يتمنى العبد من سيده الرحمة، ويرجو الفلاح من صاحب الأرض الرحمة. الرحمة طلب الضعيف من القوي، ورجاء العجز من صاحب الأمر. الرحمة كمطلب تعويض نفس عن فقدان الرحمة كواقع.
120
Bog aan la aqoon