288

Min Caqida Ila Thawra Tawhid

من العقيدة إلى الثورة (٢): التوحيد

Noocyada

وقد تذكر الإرادة في ذاتها بصرف النظر عن تعلقها بحرية الأفعال. وفي المؤلفات المتأخرة تظهر الإرادة في باب مستقل بعد العلم.

276

لذلك قد تنتقل الإرادة كلية من التوحيد إلى العدل لأنها ألصق بها وبشمولها.

277

ولكن هل الإرادة صفة مستقلة أم يمكن ردها إلى العلم أو القدرة أو الحياة؟ فالعلم إرادة أو قدرة نظرا لارتباط العقلين النظري والعملي. وبالتالي قد تعني مريد قادرا وعالما، وقد تعني شيئا آخر مستقلا. قد يريد الإنسان ما لا يقدر عليه، وقد يقدر على ما لا يريده. قد يريد ما لا يعلمه ويعلم ما لا يريده. الحي يريد والميت لا يريد، والإرادة تعبير عن الحياة. وإذا كانت صفتا السمع والبصر في الرباعي تعبران عن صفة العلم في الثلاثي فإن صفة الإرادة ما هي إلا تعين أو تحدد لصفة القدرة. وإذا كان إلحاق القدرة بالوجود مبحثا ميتافيزيقيا فإن إلحاق القدرة بالإرادة مبحث حسي. الإرادة تشبيه للقدرة. إذا كانت القدرة صفة ذات فالإرادة صفة فعل. ومع ذلك هناك فرق بين الإرادة والقدرة. تأثير القدرة في الإيجاد وتأثير الإرادة في التخصيص بالأحوال والأوقات. علاقة القدرة بالإرادة مثل علاقة العام بالخاص، الطاقة المطلقة بالفعل الواحد، الإمكانية بالتحقيق.

278

الإرادة هي المخصص، المخصص للحسن دون القبيح، أي أنها الباعث على الاختيار. التخصيص بالنسبة للقدرة، وبالتالي تقع الأفعال في الزمان والمكان بالإرادة. الإرادة هي مخصص الشيء وتخصيص الشيء كمال. وهو ما ينفي التعطيل نظرا لتحقق مقدور بين مقدورين ومراد من مرادين. ولا يكفي العلم كمخصص لوجهين: الأول أن الله عالم بجميع المعلومات بما فيها الصالح والفاسد، والثاني أن الله عالم بجميع الأشياء ما وقع منها وما لم يقع، فلزم التخصيص بالإرادة. وإذا كان المخصص مرة العلم ومرة القدرة ارتبطت الإرادة بالثلاثي أكثر من ارتباطها بالرباعي. أما الاعتراض على التخصيص بأن الإرادة لو تعلقت بفرض لكان الباري ناقصا لذاته مستكملا بغيره، فإنه لا يثبت نظرا لأن تعلق المراد لذاتها لا لغيرها. ويقوم على نفي الغائية والقصد مع أن الإرادة هي القصد والباعث على الفعل والاتجاه نحوه. ومع ذلك هناك فرق بين الإرادة والقصد والاختيار. المريد ينظر إلى الطرف المراد والقصد هو الإرادة المقارنة والاختيار اختياري، فالمختار ينظر إلى الطرفين فيختار أحدهما. أما الاعتراض بأن الإرادة صفة نفسية قديمة لا تتعلق بمتعلقات على وجه التخصيص فهو رجوع إلى مسألة الذات والصفات. وتحديد الإرادة كصفة تجعل الذات مريدا ليس تعريفا للإرادة بل إرجاع لها إلى علاقتها بالصفات.

279

كما أن الإرادة صفة تتبع الحياة. بل إن الحياة والسمع والبصر والكلام كلها تتبع الإرادة. فلا إرادة إلا من حي، ولا حي إلا إذا كان سميعا بصيرا متكلما. ويتضح ارتباط الإرادة بالعلم والقدرة والحياة في تعريفها الذي يتراوح بين هذه الصفات الثلاث. وقد يشير التعريف إلى صفة الكمال، فالإرادة بالنسبة لذاته هي أن يفعل على وجه السهو والغفلة بالنسبة لغيره على أنه آمر. وقد يشير التعريف إلى دائرة الانفعالات. فقد تعني الإرادة المحبة لا الكراهة. فالمحبة أو الرغبة أو الفعل في مقابل الكراهة والإحجام عن الفعل وعدم الرغبة أو النفور والاشمئزاز والإحباط والخمول وعدم الاهتمام والفتور واللامبالاة.

280

Bog aan la aqoon