Min Caqida Ila Thawra Tawhid
من العقيدة إلى الثورة (٢): التوحيد
Noocyada
وأن نفي الكلام إثبات للتنزيه لأن الكلام يؤدي إلى الانفعال، والانفعال نقص في التنزيه على مستوى الكمال ونفور من التشخيص. فالكلام فعل وانفعال وحركة. الكلام لا صلة له بالذات المشخصة، بل هو من فعل الطباع.
172
فنفي الكلام إذن قضاء على الاغتراب وعود إلى الكلام الإنساني، ورد الوعي إلى ذاته مدركا ومتكلما، وإعمال للعقل بدل الوهم، ورؤية للواقع لا للخيال.
وقد يكون هناك حل وسط بين إثبات الكلام ونفيه، وجعل الكلام صفة فعل لا صفة ذات، فالتأليه المشخص لا يتكلم، بل هو متكلم.
173
ومن ثم يمكن إثبات الصفة دون الوقوع في التشبيه. وصفة الفعل توحي بأن الكلام ذو اتجاه واحد، وهو قصد من الذات نحو الآخر دون القضاء التام على التشخيص؛ لأن الذات المؤلهة ما زالت موجودة. وقد تنقلب الآية فلا يصبح التأليه المشخص متكلما أو مكلما، بل يصبح متكلما بكلام غيره، ومكلما لغيره، أي أنه يصبح محلا للحوادث كسائر المتكلمين.
174
والحقيقة أن هذا وضع خاطئ للمشكلة. فالكلام لا ينسب إلى شخص المتكلم أو حتى إلى السامع، بل يدرس في نفسه. لا يحتاج الأمر إلى افتراض شخص متكلم؛ لأن الكلام موجود بالفعل بدليل الوحي. لا يهم أن يكون الوحي كلام شخص، بل هو مجرد كلام. والذهن البشري يبحث بعد واقعة الكلام وليس قبلها. المقصود من الكلام هو اتجاه الكلام وغايته وليس مصدره وأصله، على عكس الصوفية الذين أرادوا بالتأويل إرجاع الكلام إلى مصدره الأول في شخص المؤله. لا يدل الوحي على أن هناك متكلما، بل على أن هناك مستمعا. ما يهمنا ليس هو الإلهيات، بل الإنسانيات، أي فهم الكلام كمقصد أو اتجاه نحو الإنسان. والشخص نفسه لا يعرف إلا من خلال الكلام؛ لأن الكلام يشير إلى تشخيص عواطف التأليه. الكلام هو نقطة البداية لا الشخص، وأن ما يطرق الأذن هي الكلمة لا الشخص الذي تفوه بالكلمة. الكلمة موجودة بفعل طرق الأذن، ولكن الشخص قد يكون وراء ستار أو متحدثا عن بعد. وأن التحول في تاريخ العقائد إنما يكون باستمرار من الكلمة إلى الشخص كما تم في تاريخ العقائد المسيحية وتفسير معنى الكلمة.
175
فإذا كان السمع والبصر يشيران إلى العلم، فهما طريقان إليه. وإذا كانت الإرادة ما هي إلا صفة تشبيهية للقدرة وتشخيصا لها كان الكلام في الرباعي موازيا للحياة في الثلاثي. فما الصلة بين الحياة والكلام؟ يمكن القول بأن الحياة تعبير، وبأن المشخص ليس فقط في ذاته عالما قادرا، بل هو أيضا متصل بالحياة ويراسلها. ليس التأليه فقط ارتفاعا إلى أعلى ومفارقة كما هو الحال في التنزيه، بل هو أيضا نزول إلى أسفل واتصال بالآخرين وحديث مع الناس. (6-2) هل الكلام قديم؟
Bog aan la aqoon