بل إذا نظرت إلى ورقة واحده من أوراق الورد وجدت أن أحد وجهيها غايه فى الحمرة ، والوجه الآخر فى غاية الصفرة ، مع أنها تكون فى غاية الرقة ، وقلة الثخانة ، ونحن نعلم بالضرورة أن نسبه
تأثير الكواكب وحركات الأفلاك والطبائع إلى كل واحد من وجهى تلك الورقة الرقيقة جدا من الوردة نسبة واحده.
فاختصاص أحد وجهى تلك الوردة بالحمرة ، والاخر بالصفرة لابد وأن يكون لأجل القادر المختار الذى يفعله بالعلم والقدرة ، لا بالعليه والطبيعة.
وإذا عرفت ذلك ظهر لك أن لله تعالى فى ترتيب هذه الدلائل الخمسة وتقديم بعضها على بعض حكمه بالغة ، وأسرار مرعية ، فسبحان من لا نهاية لعلمه ولا غاية لحكمتة.
ثم أن الله تعالى لما بين دلائل إثبات الصانع ووحدانيته أردف هذه المسألة بمسألة إقامة الدلاله على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم : (وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنافأتوا بسورة من مثله).
وذلك لأن المتحدى به وقع بكل القرآن فى قوله : (قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا).
فلما عجزوا عن معارضة كل القرآن أتبعه بالتحدى بعشر سورمن القرآن
فقال : (فأتوا بعشر سور مثله مفتريات). فلما عجزوا عنه أتبعه بالتحدى بسورة واحدة فقال : (فأتوا بسورة من مثله).
Bogga 27