ويظهر له أن هذه المطالب إنما تحصل وتتيسر بناء على قسمة قسام لا يمكن منازعته ولا مغالبته ، كما قال سبحانه وتعالى : (نحن قسمنا بينهم معيشتهم).
ثم إن هذه الاعتبارات غير محصورة ، فتارة كما فى قوله تعالى : (أمن يجيب المضطر إذا دعاه).
وأخرى كما فى قوله : (قل من يكلؤكم بالليل والنهار).
وبالجمله ، فلما كان اطلاع كل أحد على أحوال نفسه أشد من اطلاعه على أحوال غيره ، لا جرم قدم هذا الدليل على سائر الدلائل.
ثم هذه المراتب يتلوها مرتبة أخرى ، وهى علم كل أحد باحوال آبائه وأجداده وأهل بلده.
ثم هذه المرتبة الثانية تتلوها مرتبة ثالثة ، وهى
معرفة الإنسان لأحوال الأرض التى هى مسكن الخلآئق ، فإنها مختلفة
الأجزاء ، كما قال تعالى : (وفي الأرض قطع متجاورات).
وقال أيضا : (ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود).
ثم هذه المرتبة الثالثة تتلوها مرتبة رابعه
وهى : العلم بأحوال الأفلاك ،
فإن بعضها يخالف البعض فى العلو والسفل ،والصغر والكبر ، والبطء والسرعة ، واختلاف أحوال الكواكب المذكورة فيها ،كما قال : (كل في فلك يسبحون) وقال : (رب المشرق والمغرب ).
Bogga 25