وقال آخرون : العدل مع الأعضاء ، والإحسان مع القلب.
وقال آخرون : العدل : رؤية الافتقار إلى الحق ،
ولإحسان : مشاهدة الحق إلى كل شئ فى الخلق.
واعلم أن السبب فى تسمية هذه الكلمة بكلمة العدل وجوه :
الأول : أن العدل فى كل شئ : تحصيل ما هو سبب اعتداله ، وكمال حاله.
ومن المعلوم أن كمال القوة الحساسة فى إدراك المحسوسات ، وكمال القوة الشهوانية فى طلب الأشياء النافعة الجسمانية ، وكمال القوة الغضبية فى دفع الأشياء الجسمانية المنافية ، وأما القوى العقلية وكمال حالها ، وغاية سعادتها ، فبأن ترسم فيها صورة الحقائق ، وأشباه المعقولات كما هى ، حتى تصير القوى العقلية كالمرآة التى تتجلى فيها صورالوجود بتمامها.
ولا شك أن أشرف المعقولات ، وأعلاها : معرفة جلال الله وقدسيته وعظمته وعزته ، فكان غاية المعقول ، واعتدال الأرواح البشرية ،والقوى العقلية :
كونها مقبلة على هذه الحالة ، مسغرقة فيها.
فلهذ السبب سميت كلمة لا إله إلا الله
"كلمةالعدل".
السبب الثانى : أن هذه الكلمة إنما سميت بكلمة العدل لأن معرفة الله متوسطة بين الإفراط الذى هو التشبيه ، وبين التفريط الذى هو التعطيل. فمن بالغ فى الإثبات وقع فى التشبيه ، ومن بالغ فى النفى وقع فى التعطيل ، والحق هو طريق الإعتدال بين هذين الطرفين المتباينين.
Bogga 69