وأماالمعقول فهو أنه كلما كان الفعل حسنا كان فاعله أكثر إحسانا ، ولا شك أن أحسن الأذكار ذكر لا إله إلا الله ، وأحسن المعارف لا إله إلا الله ، وإذا كان كذلك كانت هذه المعرفة وهذا الذكر إحسانا الإسم الرابع "دعوة الحق " :
قال الله تعالى فى سورة الرعد : (له دعوة الحق ).
قال ابن عباس : هو قول لا إله إلا الله. واعلم أن قوله تعالى : (له دعوة الحق). يفيد الحصر ،
ومعناه : له هذه الدعوة لا لغيره ، كما أن قوله تعالى (لكم دينكم ولى دين).
معناه : لكم دينكم لا لغيركم ، ولى دين ، وتحقيق الكلام فى إثبات هذا الحصر : أن الحق نقيض الباطل ، فالحق هو الموجود ، والباطل هو المعدوم ، فلما كان الحق سبحانه وتعالى حقا فى ذاته وبذاته وصفاته ، وكان ممتنع التغير فى حقيقته ، كان معرفته هى المعرفة الحقة ، وذكره هو الذكرالحق ، والدعوة اليه هى الدعوة الحق.
أما كل ما سواه فهو ممكن لذاته ، ولا يكون حق لذاته ، فلا تكون معرفته واجبة التحقيق ، ولاذكره ولا الدعوة اليه وإذا ثبت هذا ظهر تحقيق قوله تعالى
: ( له دعوة الحق ).
واعلم أن دعوة الحق تارة تكون من الحق للخلق إلى الحق ، وتارة تكون من الخلق للخلق إلى الحق.
أما الأول فنقول : أما أن دعوة الحق تكون من الحق فلأنه تعالى هو الذى دعا القلوب إلى حضرته ، فلولا دعوته إلى تلك الحضرة ،وتوفيقه فى ذلك [ماكان ] الوصول ، وإلا فمن أين يتمكن العقل البشرى من الوصول إلى حضرة الله تعالى.
وأيضا فلأن مبادئ الحركات ، وأوائل المحدثات تنتهى إلى قدرة الله تعالى وقضائه وقدره ، ولهذا المعنى قال الله تعالى : ( لله الأمرمن قبل ومن بعد ).
وأما أن تلك الدعوة للخلق فلقوله تعالى : (لمن الملك اليوم).
Bogga 67