أما الذى فيه الباعثان (متساويان ) فالأظهر أنهما يتعارضان ويتناقضان ، فيصير ذلك العمل لا له ولا عليه وأما الذى يكون أحد الطرفين فيه أغلب ، فينحط منه ما يساوى الطرف الآخر ، وتبقى الزيادة موجبة أثرها الآئق بها.
وذلك هو المراد بقوله تعالى : (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره (7) ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ).
وقوله : (إن الله لا يظلم مثقال ذرة).
وتمام التحقيق فيه : أن الأعمال لها تأثيرات فى القلب ، فإذا خلا المؤثر عن المعارض خلا الأثر عن المضعف ، وإذا كان المؤثر مقرونا بالمعارض ، فإن تساويا تساقطا ، وإن كان أحدهما أغلب فلابد وأن يحصل فى الزائد بمقدار الناقص ، فيحصل التساوى بينهم ، أو يحصل التساقط ويبقى القدر الزائد خالياعن المعارض ، فيؤثر لا محالة أثر ما.
وكما لا يخلوا مثقال ذرة من الطعام أو الشراب عن أثر فى الجسد ، فكذلك لا يخلوا مثقال ذرة من الخير والشر عن أثر فى التقريب من باب الله تعالى أو التبعيد منه.
فإذا جاء بما يقر به شبرا مع ما يباعده شبرا فقد عاد إلى ما كان عليه ، لا له ولا عليه. وإذا كان أحد الفعلين مما يقربه شبرين والفعل الثانى مما يباعده شبرا واحدا اقترب لا محاله شبرا إلى الله.
واحتج من زعم أن المشوب لا ثواب عليه بوجهين :
الحجة الأولى : ما روى أن رجلا سأل النبى صلى الله عليه وسلم عمن يصنع المعروف ثم يحب أن يحمد عليه ويؤجر ، فلم يدرى ما يقول حتى نزل : (فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا).
Bogga 63