141

نعم قد ذكر الإمام (المهدي) عليه السلام أن الذي لا يتغير عن ماهيته وتعلقه هو الإرادة وليست طلبا، وإنما هي سبب للطلب الذي هو الأمر والنهي، وذكر القرشي أن الطلب هو الإرادة بدليل أنه لا يقال طلبت وما أردت ولا العكس، لكن ليس ذلك الطلب أمرا؛ لأن أحدنا يجد نفسه طالبة للفعل، ولا يوصف بأنه أمر به ما لم يقل افعل، وهو خلاف في العبارة، وذلك أن الإمام المهدي عليه السلام لا يطلق لفظ الطلب إلا على الصيغة ويجعل الإرادة سببا للطلب، والقرشي يطلقه على الإرادة، ويطلق على الصيغة لفظ أمر ونهي.

وأما استدلالهم على ذلك بأنه قد يأمر بما لا يريد، وينهى عما يريد، فمبني على الجبر، وسيأتي إبطاله.

إذا عرفت هذا وتبين لك بطلان الطلب النفسي بالمعنى الذي زعموه بطل إثبات الكلام النفسي، وببطلانه تبطل شبهتهم هذه؛ لأنها مترتبة عليه، وكيف يقوم الفرع والأصل مختل، فنقول: نحن نلتزم ما ألزمتمونا وهو عدم كون تعلق الطلب ذاتيا.

ومع التسليم لكون تعلق الطلب ذاتيا فالمتعلق بالكسر من حيث أنه متعلق تابع لمتعلقه فلا يتحقق التعلق بدونه، وذلك لا ينافي كون تعلقه لذاته فنقول: تعلق الطلب بالفعل من حيث أنه موصوف بالحسن أو القبح لا بمطلق الفعل، لا ينافي كون تعلقه لذاته.

قيل: وهذه الشبهة موضوعة على نفي الحكمة، ولا خفاء في بطلانه.

الشبهة الثانية: لو لم يكن الباري تعالى إلا مبينا لما في نفس الأمر من الحسن والقبح لم يكن مختارا في الحكم، بل يكون كالمفتي والقاضي بين الحكم، ثم ألزم وتوعد، أو وعد على فعله أو تركه.

Bogga 141