76

Menhaj Al-Muhaddithin from the First Hijri Century to the Present Era

منهاج المحدثين في القرن الأول الهجري وحتى عصرنا الحاضر

Daabacaha

الهيئة المصرية العامة للكتاب

Lambarka Daabacaadda

-

Noocyada

إن عمر نفسه سمح لأبي هريرة أن يروي عن رسول الله ﷺ عندما عرف ورعه وخشيته من الله ﷿ روى الذهبي عن أبي هريرة ﵁ قال: "بلغ عمر حديثي فأرسل إليَّ، فقال: كنت معنا يوم كنا مع رسول الله ﷺ في بيت فلان؟ قلت: نعم، وقد علمت لأي شيء سألتني. قال: ولِمَ سألتك؟ قلت: إن رسول الله ﷺ قال يومئذ: "من كذب عليَّ متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار"، قال: أما لا، فاذهب فحدث١. ومن جهة أخرى، فإن عمر ﵁ عندما أرسل عبد الله بن مسعود إلى أهل الكوفة كتب إليهم: "إني والله الذي لا إله إلا هو، أثرتكم به على نفسي فخذوا منه"٢، وذكر عمرُ ابنَ مسعود فقال: كنيف مليء علمًا، آثرت به أهل القادسية٢. كيف يأمر الناس بالأخذ منه، ويشهد له بالعلم، ثم يحبسه؟! وما ورد على حبس ابن مسعود ﵁ يرد على حبس الصحابة الباقين، ففيهم أبو الدرداء ﵁ إمام الشام وقاضيها ومعلمها القرآن. وبهذا البيان لا يرقى إلى الصحة خبر حبس عمر للصحابة ﵃ لأنهم أكثروا من الرواية عن رسول الله ﷺ بل إنه يُروى عن ابن مسعود أنه نهى عن الإكثار من الرواية، فهل يُتصور منه أن ينهى عن شيء وهو يفعله؟! وقد رُوي عنه قوله: "ليس العلم بكثرة الحديث؛ ولكن العلم الخشية"٣. وفي رواية سعد بن إبراهيم عن أبيه -التي ذكرها الخطيب- ما يدل على أنه استبقاهم في المدينة حتى عرف لفظهم سواء، وهذه هي رواية الخطيب. قال: بعث عمر بن الخطاب ﵁ إلى عبد الله بن مسعود ﵁ وإلى أبي الدرداء ﵁ وإلى أبي مسعود الأنصاري ﵁ فقال: ما هذا الحديث الذي

١ سير أعلام النبلاء "٢/ ٤٣٤". ٢ سير أعلام النبلاء "١/ ٣٥١"، والكنيف: الوعاء. ٣ مختصر كتاب المؤمل في الرد إلى الأمر الأول "ص٦".

1 / 87