وأحسب القارئ يحيط الآن بما عنيناه حين قلنا إن المتصوف الناقل قد يقتبس من التصوف عبارة هنا وعبارة هناك ولا ينظر بالعين «المتصوفة» إلى جميع المنظورات على هذا المنوال، وبهذه السليقة يتلاقى المتصوف والسفير أحسن لقاء.
على أن الشاعر السياسي كان سفيرا بين مصر والشرق بعلمه قبل أن يكون سفيرا لهما بعمله، وكان لدراسته الفارسية والأردية أثر في تقريب ثقافتهما يحسب من سفارات الأدب التي تعاون فيها العلم والعمل، ومن هذا التقريب الذي لم يسبق إليه: تعريفه قراء العربية بتاريخ الرباعية في الآداب الفارسية والعربية؛ فهو أوفى ما كتب بلغتنا في هذا الموضوع.
وستكون هذه المثاني صلة جديدة بين آدابنا وآداب الفرس والهنود، فإنها تجدد لنا القالب الذي أفرغت فيه طائفة مختارة من شعر هذه الأمم، وتريد عليها فضل النسبة العربية فيما استوحاه الشاعر العالم السياسي من سليقته وفطنته وخياله، وفقه الله للمزيد من هذه السفارة العليا، وأفاد بجهده المشكور أتم ما يفيد.
مقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
تفضل الكاتب الألمعي الكبير، والشاعر المبدع القدير الأستاذ عباس محمود العقاد فكتب مشكورا مقدمة لهذه المثاني.
فأقصر أنا كلمتي هذه على تاريخ نظم هذه الأبيات وعلى تسميتها.
1
هذه أبيات نظمتها مثاني في أوقات شتى. خطرت لي في الحضر والسفر، حتى في الطائرة، خطرت حين الفراغ وحين العمل، بالليل والنهار.
نظمت الأولى منها فبدا لي أن أنظم أمثالها، وتوالت الخطرات وتوالى النظم. وكتبت ما نظمت فور نظمه أحيانا. وكثيرا ما نظمت في الطريق فحفظت ما نظمت حتى تيسرت كتابته.
Bog aan la aqoon