Matalic Tamam
مطالع التمام ونصائح الأنام ومنجاة الخواص والعوام في رد إباحة إغرام ذوي الجنايات والإجرام زيادة على ما شرع الله من الحدود والأحكام
Noocyada
الثاني: إن هذا ليس من باب الحكم بين الناس وما يحملون عليه، وإنما هو من باب تصرف النبي صلى الله عليه وسلم في ملكه، لأن البيتين له صلى الله عليه وسلم. والظاهر أن ما فيهما من طعام وآنية له. وإذا لم يكن هذا من باب الحكم في شيء، فالعقوبة بالمال أو غيره فرع الحكم وأخص منه، وإذا انتفى الأعم انتفى الأخص.
الثالث: سلمنا أن الطعام (56=212/أ) والإناء للكاسرة، فهو خارج مخرج الإصلاح لا مخرج الحكم، أنه صلى الله عليه وسلم في هذه القضية دفع المثل في المقوم.
قال الأمام سليمان الخطابي رحمه الله :"ولا أعلم أحدا من الفقهاء ذهب إلى أنه يجب في غير المكيل والموزون المثل، إلا حكي عن داود أنه يوجب في الحيوان المثل، فأوجب في العين العين وفي العصفور العصفور، وشبهه بجزاء الصيد". قال الشيخ أبو سليمان الخطابي:"الذي ذهب إليه من ذلك خلاف مذاهب عامة العلماء. والحكم في جزاء الصيد خاص، وحقوق الله سبحانه تجري فيها المساهلة ولا تحمل على الاستقصاء وكمال الاستيفاء لحقوق الآدميين، وقد أوجب رسول الله صلى الله عليه وسلم في العتق شركا له في عبد القيمة لا المثل، فدل على فساد ما ذهب إليه، قال علي: أن في إسناد الحديث، يعني حديث جسرة مقالا" انتهى(¬1).
وقوله: إن حقوق الله تعالى تجري فيها المساهلة إلى آخره، يعني أن المثل في المقوم كجزاء الصيد، فيه نوع من المساهلة، لأن المثل في المثليات قائم مقامها لتحقق المماثلة، وأما المقومات التي تتعلق الأغراض بأعيانها وتقصد بأشخاصها وإيجاب المثل فيها، فيه نوع من المساهلة ، فلا يقضي به في حقوق الآدميين، انتهى. هي مبنية على الاستقصاء وكمال الاستيفاء، وإذا صح أن دفع المثل على خلاف القاعدة في أحكام الآدميين، والحديث مشتمل عليه، دل على أن ذلك من الإصلاح لا من باب الحكم.
Bogga 228