Matalib Saul
مطالب السؤول في مناقب آل الرسول
Noocyada
قد أفاضوا في الأحدوثات تفكها، وهم يلهى بعضهم بعضا بها فأسرعوا إليه قياما وسلموا عليه فرد التحية ثم قال: من القوم؟ فقالوا: ناس من شيعتك يا أمير المؤمنين، فقال لهم: خيرا ثم قال: يا هؤلاء ما لي لا أرى فيكم سمة شيعتنا وحلية احبتنا؟ فأمسك القوم حياء. فأقبل عليه جندب والربيع فقالا له: ما سمة شيعتكم يا أمير المؤمنين فسكت فقال همام:
وكان عابدا مجتهدا- أسألك بالذي أكرمكم أهل البيت وخصكم وحباكم لما أنبأتنا بصفة شيعتكم، فقال: شيعتنا هم العارفون بالله العاملون بأمر الله، أهل الفضائل والناطقون بالصواب مأكولهم القوت وملبسهم الاقتصاد ومشيهم التواضع، بخعوا لله بطاعته وخضعوا له بعبادته فمضوا غاضين أبصارهم عما حرم [الله] عليهم واقفين اسماعهم على العلم بدينهم نزلت أنفسهم منهم في البلاء كالذي نزلت منهم في الرخاء، رضوا من الله (تعالى) بالقضاء، فلو لا الآجال التي كتب الله لهم لم تستقر أرواحهم في أجسادهم طرفة عين شوقا إلى لقاء الله والثواب وخوفا من أليم العقاب، عظم الخالق في أنفسهم وصغر ما دونه في أعينهم، فهم والجنة كمن رآها فهم على أرائكها متكئون، وهم والنار كمن رآها فهم فيها يعذبون، صبروا أياما قليلة فأعقبتهم راحة طويلة، ارادتهم الدنيا فلم يريدوها وطلبتهم فأعجزوها. أما الليل فصافون أقدامهم تالون أجزاء القرآن يرتلونه ترتيلا يعظون أنفسهم بأمثاله ويستشفون لدائهم بدوائه تارة وتارة مفترشون جباههم وأكفهم وركبهم وأطراف أقدامهم تجري دموعهم على خدودهم، يمجدون جبارا عظيما ويجأرون إليه في فكاك رقابهم، هذا ليلهم، وأما نهارهم فحلماء علماء بررة اتقياء براهم خوف بارئهم، فهم كالقداح تحسبهم مرضى وقد خولطوا وما هم بذلك بل خامرهم من عظمة ربهم وشدة سلطانه ما طاشت له قلوبهم وذهلت منه عقولهم، فإذا استقاموا من ذلك بادروا إلى الله بالأعمال الزاكية لا يرضون له بالقليل ولا يستكثرون الجزيل، فهم لأنفسهم متهمون ومن أعمالهم مشفقون ترى لاحدهم قوة في دين وحزما في لين وإيمانا في
Bogga 196