الحديث المتفق على صحته، الذي لا تجوز دعوى التواتر في شيءٍ من الحديث إلا إن كان ولا بد ففيه، لكثرة عدد رواته من الصحابة فمن بعدهم: «من كذب علي متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار» .
وإنما عرف العلماء كون الحديث موضوعًا بإقرار واضعه، أو ما يتنزل منزلة إقراره، وقد يفهمون الوضع من حال الراوي والمروي، فقد وضعت أحاديث كثيرةٌ طويلةٌ، يشهد بوضعها ركاكة ألفاظها ومعانيها، وربما كان الحديث بخلاف ذلك من حسن ترصيف ألفاظه وصحة معانيه، فيتقبله الناس بالقبول وهو موضوعٌ يعرفه أهل صناعته من وجوهٍ كثيرةٍ، كالأربعين [في] الخطب الودعانية، ونحوها.
والواضعون للحديث أصنافٌ، وأعظمهم ضررًا قومٌ ينسبون إلى الزهد ويضعون الحديث احتسابًا فيما زعموا، فيقبل الناس موضوعاتهم ثقةً منهم بهم، وركونًا إليهم.
ثم نهضت جهابذة الحديث -جزاهم الله تعالى عن الإسلام خيرًا- بكشف عوارها ومحو عارها، رحمة الله عليهم.
ثم إن الواضع ربما صنع كلامًا من عند نفسه فرواه، وربما أخذ كلامًا لبعض الحكماء وغيرهم فوضعه على رسول الله ﷺ، وربما غلط غالطٌ فوقع
1 / 114