Mashariq Anwaarul Culuub
مشارق أنوار العقول
Noocyada
( قوله تواتر الأخبار معنا) أي تواتر معنى الأخبار النبوية فمعنى تمييز محول عن مضاف، والمتواتر في إصلاحهم: هو خبر جماعة عن جماعة لا يمكن تواطي مثلهم على الكذب عادة مسندين الخبر إلى الحسن فإن رووا الخبر بلفظه سمي تواترا لفظيا، وإن روى كل منهم بلفظ يخالف لفظ الآخر واتفقوا في المعنى سمي التواتر معنويا، لاشتراك جميع الرواة في ذلك المعنى بنفسه وإن اختلفت عباراتهم.
(قوله فانتبه) أي فاستيقظ من غفلتك تكملة للبيت وفائدته التنبيه للسامع من غفلته، والمعنى إذا عرفت أن عذاب القبر جاء به التواتر المعنوي فلا تكن ذا غفلة عن أخذ الحذر منه ولا ذا تماد في الجهل به فإن حق ما جاءت به الأخبار المتواترة أن يكون معلوما لك.
(قوله واعتقدن صدقه) أي مطابقة التواتر المعنوي للواقع أي انتبه للعلم به واعتقد صدقه، فالتواتر مما يقطع بصدقه وكذلك يقطع بصدق كل خبر عرف بالضرورة وبصدق كل خبر عرف بالاستدلال، وبصدق خبر الله تعالى وبصدق خبر رسوله وبصدق من أخبر الصادق بصدقه وبصدق الإجماع وبصدق خبر أخبر به عن قائله وهو حاضر يسمع الخبر ولا ينكره، ولم يمنعه من الإنكار مانع وبصدق الخبر المستفيض المتلقى بالقبول لكن وجوب تصديق ما ذكر من التواتر إنما هو متوقف على من بلغه ذلك أما في زماننا فقد تعذر إدراك التواتر من غيره، وصارت الأخبار كلها منزلة الآحاد لانقطاع الرواة إلا ما اجتمعت عليه الأمة أن هذا متواتر أو أنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فحينئذ يجب تصديق الإجماع والقطع بصدق الخبر، ولذا قال صاحب المرآة: المعتبر في تصحيح الأخبار وفي كونها تواترا أو آحادا هو ما عليه السلف في الثلاثة القرون لا يوجب القطع به على من هو في زماننا لأن كلا متعبد بعلمه ثم إن رواية أنه متواتر في تلك القرون لا تكون غالبا إلا أحادية فينقلب المتواتر أحاديا فيكون مظنون الصدق، والعقائد لا تنبني على ظن فلذا صح الخلاف في عذاب القبر.
( فإن قيل) فما وجه كلام الناظم في قوله واعتقدن صدقه؟
Bogga 99