Mashariq Anwaarul Culuub
مشارق أنوار العقول
Noocyada
( ورد) بأن الحياة الأولى هي الحياة الدنيوية، والثانية الأخروية، وإن الإماتة الأولى هي عبارة عن عدمهم قبل الوجود والإماتة الثانية هي التي فارقوا بها الدنيا. (وأما) الأحاديث فمنها ما أخرجه ابن شيبة وابن ماجه عن أبي سعيد الخدري قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ((يسلط الله على الكافر في قبره تسعة وتسعين تنينا تنهشه وتلدغه حتى تقوم الساعة لو أن تنينا منها نفخ على الأرض ما انبتت خضراء))([5]) قال الباجوري: والتنين بكسر المثناة الفوقية وتشديد النون وهو أكبر الثعابين قيل وحكمة هذا العدد أنه كفر بأسماء لله الحسنى وهي تسعة وتسعين ا. ه.
والأحاديث في هذا المعنى كثيرة تراجع من محلها (واحتج) النافون بقوله تعالى ((يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا))([6]) قالوا: لو كانوا معذبين في القبر ما سموه مرقدا وأجيب بأنهم سموه بلك نظرا إلى ما شاهدوا من هول الموقف حتى صار القبر بالنسبة إليهم كالمرقد، فبقوله تعالى ((يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة))([7]) قالوا: لو كانوا معذبين لاستطالوا المدة ولما أقسموا أنهم لم يلبثوا إلا ساعة.
(وأجيب) عنه بأنهم إنما سموا تلك المدة ساعة بالنسبة إلى ما كشف لهم من التأبيد الذي لا انقطاع له فمدة البرزخ بالإضافة إلى ما بعدها من الأبد أقل من ساعة (وبقوله) تعالى: ((لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى))([8])
(قالوا) لو عذبوا في القبر لزم إحيائهم فيه ثم إماتتهم بعد التعذيب، ويجاب بأن الخطاب لأهل الجنة فإذا أحياهم الله في القبر لما أراده منهم فلا يسمى ما بعد تلك الحياة موتا بالإضافة إليهم، كيف وقد ورد في الحديث أن المؤمن يرى منزله في النار أن لو عصى ومنزله في الجنة لما أطاع فيريد أن ينهض إليه فيقال له: لم يأت أوان ذلك نم سعيدا نومة العروس وليس النوم بموت فلا يذوقون إلا الموتة الأولى.
Bogga 98