على أن «الأمين» قد حاول أن يرفه عن نفسه أو يذهل عن حقيقة موقفه، فلم يستطع إلى ذلك سبيلا، وأبى القدر المحتوم إلا أن يتضافر كل شيء على إزعاجه وتكدير صفوه!
قال إبراهيم بن المهدي: خرج الأمين - ذات ليلة - يريد أن يتفرج من الضيق الذي هو فيه، فصار إلى قصر له بناحية «الخلد» ثم أرسل إلي فحضرت عنده، فقال: «ترى طيب هذه الليلة وحسن القمر في السماء، وضوءه في الماء على شاطئ «دجلة»، فهل لك في الشرب؟»
فقلت: «شأنك».
فشرب رطلا، وسقاني آخر، ثم غنيته ما كنت أعلم أنه يحبه، فقال لي: «ما تقول فيمن يضرب عليك؟» فقلت: «ما أحوجني إليه!»
فدعا بجارية متقدمة عنده اسمها «ضعف».
فتطيرت من اسمها ونحن في تلك الحال، فقال لها: «غني».
فغنت شعر الجعدي:
كليب لعمري كان أكثر ناصرا
وأيسر جرما منك، ضرج بالدم
فاشتد ذلك عليه، وتطير منه، وقال: «غني لنا غير ذلك.»
Bog aan la aqoon