من ذكر عليا
2
فقد ذكر أسمى الصفات الإنسانية؛ النزاهة، الاستقامة، الشجاعة، الصراحة، النبل، القوة، الفطنة.
وإن أوجز ما يقال في علي أنه اقتبس أكبر قسط من أخلاق النبوة، وعرف كيف يستفيد من أخلاق الرسول.
ربما قال قائل: «ولكن عليا كان شديد البطش، وقد ألف الناس من ليونة عثمان ما جعلهم ينفرون من شدة علي.»
ذلك حق، وليت عليا - رضي الله عنه - تريث قليلا فلم يعزل بعض الولاة ويهم بعزل الباقين قبل أن يستتب له الأمر، وتستقر له الخلافة، ولكنها الصراحة تأبى عليه أن يعلن خلاف ما يضمر، والغيرة على الحق تدفعه إلى الذود عنه، جالبا عليه من عداوة الناس ما جلب!
كان عثمان لينا فأطمع لينه الناس فيه، وكان «علي» شديدا فانتفع خصومه بهذه الشدة، فاستمالوا الناس إليهم بما أتوه من دهاء وحذق، وحسبك أن تعلم أي قوتين هائلتين من قوى العالم النادرة كانتا تناوئانه لتلتمس له ألف عذر!
لقد تعاونت سياسة معاوية، ودهاء ابن العاص، على استغلال صراحة علي واستقامته، فلم يتركا وسيلة من وسائل المكر والحيلة إلا سلكاها، ولا دعوى من دعاوى الكيد إلا أذاعاها، حتى أوهما أنصارهما أنه قاتل عثمان، وأنه مستميت في طلب الخلافة، بل نحلاه ما هو أكثر من ذلك وأشنع، وألصقا به من الصفات ما يعلمان علم اليقين أنه أبعد الناس عنه، وأشدهم براءة منه.
حسب القارئ أن يذكر المثال التالي، ليعرف مدى دعايتهما ومقدار ما تحدثه مثل هذه المفتريات في نفوس الناس وفي إلهاب قلوبهم حماسا وبغضا لعلي!
قال بعض من شهد تلك المعارك الهائلة: «فإنهم لكذلك إذ خرج عليهم فتى شاب وهو يقول:
Bog aan la aqoon