[قول المتفلسفة: (الواحد لا يصدر عنه إلا واحد)، وبيان بطلانه]
ومما يبين فساد قولهم بقدم العالم أنهم يقولون: الواحد لا يصدر عنه إلا واحد، ثم أئمتهم يقولون: صدر عنه عقل، ثم عن العقل عقل ونفس وفلك، ثم عن العقل عقل ونفس وفلك، إلى العقل العاشر الفعال الذي صدر عنه ما تحت فلك القمر. فالصادر عن الواحد إن كان أكثر من واحد انتقض قولهم، وإن كان واحدا لزم أن لا يصدر عنه إلا واحد؛ فتمتنع الكثرة في الوجود، وهو خلاف المشاهدة، لا سيما والفلك التاسع أطلس، والثامن مكوكب بكواكب كثيرة، فلا بد لها من أسباب متعددة بعددها على أصلهم، وليس في التاسع ما يقتضي ذلك، وليس لهم عن هذا عدد يساوي الذكر، فإنهم إذا / (¬1) قالوا: العقل الأول فيه وجوب ووجود وإمكان. فباعتبار وجوبه صدر عنه عقل، وباعتبار وجوده صدر عنه نفس، وباعتبار إمكانه صدر عنه فلك، ونحو هذا مما يتخيلونه ويهذون به.
قيل لهم: هذه الوجوه إن كانت وجودية فهي كثيرة؛ فقد صدر عن الواحد صدر كثيرة. وإن كانت عدمية؛ فالعدم لا يكون علة للوجود، مع أن هذا تحكم محض لا دليل عليه أصلا. وكواكب الثامن لا حيلة لهم فيها.
Bogga 102