(٣٢) قوله: "مثل أمتي كمثل الغيث" إلخ.
تكلم في إسناده، وبتقدير صحته أنه يكون في آخرها من يقارب أولها حتى يشتبه على بعض الناس أيهما خير، كطرفي الثوب، (مع القطع) بأن الأول خير من الآخر، ولهذا قال: (لا يدرى)، ومعلوم أن هذا السلب ليس عاما، فإنه لابد أن يكون معلوما أيهما أفضل. (٣٣) الآية مثل العلامة، والدلالة.
أخبر أنه جعل في هذه المصنوعات آيات، وتارة يسميها أنفسها آية كقوله: ﴿وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ﴾ ١. فإذا قيل: تجلى بها وظهر بها كما يقال علم وعرف، كان صحيحا، ولكنه غير مأثور، وفيه إبهام وإجمال، فإن الظهور والتجلي يفهم منه الظهور العيني وهو مذهب الاتحادية، فالذي في القرآن هو الحق.
(٣٤) قوله تعالى: ﴿أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾ ٢ دلت على علمه بالأشياء
من وجوه تضمنت البراهين المذكورة لأهل النظر العقلي:
أحدها: أنه خالق لها، والخلق هو الإبداع بتقدير، فتضمن تقديرها في العلم قبل تكوينها.
الثاني: أنه مستلزم للإرادة والمشيئة فيلزم تصور المراد، وهذه الطريقة المشهورة عند أكثر أهل الكلام.
الثالث: أنها صادرة عنه وهو
_________
١ سورة يس آية: ٣٣.
٢ سورة الملك آية: ١٤.
1 / 27