وكذلك تأميره له من المدينة على الحج ليقيم السنة ويمحو آثار الجاهلية، فإنه من خصائصه. وكذلك قوله في الحديث الصحيح: "ادع لي أباك وأخاك حتى أكتب لأبي بكر كتابا" ١. وأمثال هذه الأحاديث كثيرة تبين أنه لم يكن في الصحابة من يساويه. وأما قوله: "أنت مني وأنا منك" ٢ فقد قالها لغيره، وقالها لجليبيب والأشعريين. وقال تعالى ﴿وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَمَا هُمْ مِنْكُمْ﴾ ٣، وقوله: "من غشنا فليس منا" ٤، "ومن حمل علينا السلاح فليس مني " ٥ يقتضي أن من يترك هذه الكبائر يكون منا، فكل مؤمن كامل الإيمان فهو من النبي والنبي منه. وقوله في ابنة حمزة: "أنت مني وأنا منك" ٦ وقوله لزيد: "أنت أخونا ومولانا" ٧ لا يختص بزيد بل كل مواليه كذلك، وكذلك قوله: "لأعطين الراية" إلخ. هو أصح حديث يروى في فضله، وزاد فيه بعض الكذابين أنه أخذها أبو بكر وعمر فهربا.

وفي الصحيح أن عمر قال: "ما أحببت الإمارة إلا يومئذ" ٨ فهذا الحديث رد على الناصبة الواقفين في علي، وليس هذا من خصائصه، بل كل مؤمن كامل الإيمان يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، قال تعالى: ﴿فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ﴾ ٩ وهم الذين قاتلوا أهل الردة، وإمامهم أبو بكر، وفي الصحيح: "أنه سأله أي الناس أحب إليك؟ قال: عائشة. قال: فمن الرجال؟ قال: أبوها" ١٠ وهذا من خصائصه.

وأما قوله: "أما ترضى أن تكون مني بمنْزلة هارون من موسى" ١١ قاله في غزوة تبوك لما استخلفه على المدينة، فقيل: استخلفه لبغضه إياه. وكان النبي

١ البخاري: المرضى (٥٦٦٦)، ومسلم: فضائل الصحابة (٢٣٨٧)، وأحمد (٦/١٤٤) .

٢ البخاري: الصلح (٢٧٠٠)، وأحمد (٤/٢٩٨)، والدارمي: السير (٢٥٠٧) .

٣ سورة التوبة آية: ٥٦.

٤ مسلم: الإيمان (١٠١)، وابن ماجه: الحدود (٢٥٧٥)، وأحمد (٢/٣٢٩،٢/٤١٧) .

٥ البخاري: الديات (٦٨٧٤)، ومسلم: الإيمان (٩٨)، والنسائي: تحريم الدم (٤١٠٠)، وابن ماجه: الحدود (٢٥٧٦)، وأحمد (٢/٣،٢/١٦،٢/٥٣،٢/١٤٢،٢/١٥٠) .

٦ البخاري: الصلح (٢٧٠٠)، وأحمد (٤/٢٩٨)، والدارمي: السير (٢٥٠٧) .

٧ البخاري: الصلح (٢٧٠٠)، ومسلم: الجهاد والسير (١٧٨٣)، وأحمد (٤/٢٩٨)، والدارمي: السير (٢٥٠٧) .

٨ مسلم: فضائل الصحابة (٢٤٠٥) .

٩ سورة المائدة آية: ٥٤.

١٠ البخاري: المناقب (٣٦٦٢)، ومسلم: فضائل الصحابة (٢٣٨٤)، والترمذي: المناقب (٣٨٨٥،٣٨٨٦)، وأحمد (٤/٢٠٣) .

١١ البخاري: المناقب (٣٧٠٦) والمغازي (٤٤١٦)، ومسلم: فضائل الصحابة (٢٤٠٤)، والترمذي: المناقب (٣٧٣١)، وابن ماجه: المقدمة (١١٥،١٢١)، وأحمد (١/١٧٠،١/١٧٣،١/١٧٤،١/١٧٥،١/١٧٧،١/١٧٩،١/١٨٢،١/١٨٤،١/١٨٥) .