248

Masabih Satica

المصابيح الساطعة الأنوار

وما ذكر الله سبحانه من خلق الإبل فعجب عجيب إذا نظر فيه المفكر اللبيب لما جعلها الله سبحانه عليه من عظيم الخلق وشدة أسر الأوصال، وما كفى الله بها الناس من حمل فادح الأثقال، وما جعلها عليه من قوتها وشدتها من السخرة والتذلل، وجعل فيها من الجمال وبلوغ الحاجة والسفر البعيد، قال الله ذو الجلال والإكرام وهو يذكر ما جعل من النعمة في الأنعام: ((والأنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون (5) ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون (6) وتحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس إن ربكم لرؤوف رحيم (7))) [الأنعام:5-7] فهي كما قال سبحانه تحمل من الأثقال، وتطيق من كبار الأحمال مالا يحمل غيرها من الدواب التي جعلها سخرة للركوب والأسفار فسبحان الكريم الرحمن الجبار، وأي دليل أدل على ما ذكر الله سبحانه في تسخيره مما هي عليه من الذلة مع عظم خلقها وشدة أسرها، ومايدل عليه من غلبتها الكبير من الدواب والحيوان لما هو أشد أضعافا من الإنسان فمن يرى الإبل وتسخيرها وأمرها إلا علم أنها لم تذل فنقوى عليها إلا بتذليل الله وتخيرها فأمن الإنسان من مغالبتها وقهر صيالها وشدتها، ولولا تسخير الله لها ما كان الناس لها مقرنين، فسبحان الله وبحمده الرؤوف الرحيم.

Bogga 262