Masabih Satica
المصابيح الساطعة الأنوار
Noocyada
وقد يمكن والله أعلم أن يكون ما ذكر الله من صبه لهذا السوط من العذاب على هذه الأمم التي ذكر أنه دمرها فيما نزل من الكتاب خبرا على أن هذه الأمم التي ذكرها وأخبر أنه أهلكها بفسادها ودمرها إنما أهلكها بجزء من أجزاء العذاب سماه سوطا في تنزيل الكتاب ليعلم من عقل أن ما أعد الله لهذه الأمم في الآخرة من العذاب والنقم التي تخلد لهم ويخلدون فيها فلا تنقضي ولا تنصرم ليست كالسوط من العذاب الذي عذبوا به في دنياهم ففنوا به في الدنيا هم وأفناه الله حين أفناهم فنعوذ بالله ورحمته من سخطه وعقابه ونسأله النجاة بالعون على طاعته من سطوة عذابه لمن خالفه وعصاه، ولم يؤثر رضوانه وتقواه.
ثم ذكر سبحانه جهالة هذا الإنسان وما لم يزل عليه الناس إلا من عصم الله من الغفلة والخطاء والنسيان بقوله: ((فأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربي أكرمن (15) وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربي أهانن (16))) وتفسير ما ذكر الله من هذا والله أعلم أنه إذا ما ابتلى الإنسان بتوسعة رزقه وعطاياه، وما ينال بتوسعة الرزق من النعم في دنياه غفل الإنسان بذلك عن ذنوبه وخطاياه، فظن أن ما نال من رزق الله بكرامة من الله لرضاه عنه، وأنه قد سلم عند الله، وفيما بينه وبينه، ويغفل عن ذنوبه وخطاياه، ولا يفهم أنه أراد امتحانه وابتلاه ليرجع عن معصيته، ويعمل برضوانه وطاعته، ويشكر ما أولاه عند ذلك من نعمته.
Bogga 251