199

Maqasid Caliyya

المقاصد العلية في شرح الرسالة الألفية

واحد فرضان كالظهرين لم يصح الدخول في الثاني حتى يفرغ من فعل الأول على الوجه المذكور، فتكون هذه الأربع بمنزلة مرة واحدة للعالم بالقبلة، فلو فرض ضيق الوقت إلا عن قدر أربع صلوات لمن عليه الفرضان اختصت به الثانية كالعصر؛ لأن ذلك قدر أدائها بحسب هذه الحالة.

وإنما يجب الفرضان لو أدرك مع ذلك قدر ركعة من الأخرى فصاعدا، فحينئذ يزاحم الأولي ويصليها أربع مرات، ثم يصلي الثانية إلى جهة لضيق الوقت إلا عنها.

وهل يجب في الأربع جهات كونها متقاطعة على زوايا قوائم؟ الظاهر ذلك؛ لأنه المتعارف منها، ولأنه موافق للحكمة في وجوب الأربع، فإن الصلاة إذا فعلت على هذه الحالة فهي إما إلى القبلة، أو منحرفة عنها انحرافا لا يبلغ حد اليمين واليسار.

وما بين القبلة وبينهما قبلة للمضطر، فلو أوقع الأربع على غير هذه الصورة أمكن فرض القبلة على وجه يخرج عما صلاه إلى حد اليمين أو اليسار، كما لا يخفى.

واحتمل المصنف في البيان الاجتزاء بأربع كيف اتفق؛ محتجا بأن الفرض إصابة جهة القبلة لا عينها، وهو حاصل، وقطع باشتراط التباعد في الجهات بحيث لا يكون بين الجهة الأولي والثانية ما يعد قبلة واحدة (1).

ويضعف الاحتمال بمنع إصابة الجهة بالصلاة إلى الأربع كيف اتفق (2)؛ لأن القبلة لا تنحصر في الجهات الأربع عندنا ولا في عشرة.

كيف، والمصنف قد ذكر في هذه الرسالة ست جهات مع خروج كثير من البلاد الإسلامية عنها كمصر وما والاها والمغرب المشهور والروم وسمرقند، وغيرها مما يكثر عده. وإنما اكتفي الشارع بالصلاة إلى الأربع لا لاستلزامه إصابة العين أو الجهة، بل لما ذكرناه من أنها إذا وقعت على الاستقامة استلزمت إما الإصابة، أو الانحراف إلى ما لا يبلغ حد اليمين أو اليسار.

وإنما يتوجه ما ذكر على مذهب بعض العامة حيث جعل المشرق قبلة أهل المغرب

Bogga 205