ولكن الأم التي كانت جديرة قبل ذلك بأن تصرخ وتولول؛ إذ لم يكن لها في هذه الدنيا من آمال سوى هذا الابن، تتغلب على الصدمة، وتنهض، وتتابع في جد الدعوة إلى الثورة، لقد تغيرت هذه المرأة وعرفت قصدا جديدا في الحياة.
كانت أما لابنها، فأصبحت بمبادئ الثورة التي تعلمتها أما لجميع الشباب في العالم، وكانت تقصر اهتماماتها على شئون بيتها فأصبحت تهتم بالإنسانية كلها، لقد أخذ القصد العام في حياتها مكان القصد الخاص.
إنها توزع المنشورات التي تشرح للناس سوء حياتهم، وعبء مظالمهم، وعبث القيصر وأعوانه بمصائرهم، وتقرأ، وتفهم.
وهذه هي السعادة الراقية، السعادة التي تجدها في زيادة الوعي بأن نتألم، بل نتعذب، حتى نعرف ونوجه ونصلح الدنيا، بل الواقع أن ما نعانيه من ألم وعذاب يعود لذة سامية لإحساسنا بأننا نؤدي واجبا إنسانيا على المستوى العالي في حياتنا.
ويقبض على الأم، بعد القبض على الابن، ويستمر القيصر وحكومته في متابعة خطط الإذلال للشعب، ولكن إلى حين.
هذه هي القصة التي تشرح لنا كيف كان الثائرون في روسيا يعملون قبل أن تصل الثورة إلى انفجارها الأخير في 1917. •••
قصة الأم هي الطراز الذي يمكن أن نقول: إن سائر مؤلفات جوركي قد بني على غراره، فإننا حين ننهض بالثورة على المظالم الاجتماعية والحكومية إنما تنهضنا أيضا هذه الثورة.
الثائر ناهض يقظ بعد ركود ونوم.
الثائر يجد القصد في حياته بعد استسلام للقدر.
الثائر يفكر ويتعلم ويتطور.
Bog aan la aqoon