382

والمركب جميعا ، وهذا يمكن وجها لأولوية إطلاق الكمال في تحديد النفس ، من إطلاق الصورة لعمومه وشموله لكل نوع ، بخلاف الصورة ، إلا أن ما نحن فيه لما كان من قبيل النوع المركب ، لم يمكن أن يكون ذلك وجها للأولوية ، بل الوجه فيها ما سيذكره بعد.

أما بيان أن الحال فيما نحن بصدده كذلك ، مع بيان أن النفس فيه فصل وكمال ، فلأن كلامنا في النبات والحيوان ، ولا خفاء في أنهما كذلك ، حيث إنهما بما هما نوعان مركبان من مادة هي جسمهما إذا اخذ ذلك بالمعنى الذي يؤخذ به الشيء مادة ومن صورة هي نفسهما إذا اخذت بالمعنى الذي يؤخذ به الشيء صورة. ولا يخفى أن إطلاق المادة والصورة بالمعنى الأخص المراد في المركب منهما ، وإن لم يصح على جزئي الإنسان ، أعني بدنه ونفسه المفارقة ، لكنه يصح على نوع من التعميم أو الاصطلاح أو التجوز.

والحاصل أنه يصح الإطلاق على جزئيه أنهما كالمادة والصورة ، في أن بدنه جزء به يكون الإنسان بالقوة كالمادة ، وأن نفسه جزء به يكون الإنسان إنسانا بالفعل كالصورة ، وكأنه لذلك أطلق فيما قبل على جسم النبات والحيوان وبدنهما مطلقا بحيث يشمل بدن الإنسان أيضا أنه جزء يكون به النبات والحيوان بالقوة ، واطلق على النفس النباتية والحيوانية مطلقا بحيث تشمل النفس الإنسانية أيضا أنها جزء يكونان به بالفعل.

فبالجملة ، التركيب من المادة والصورة ، أو من مثل المادة ومثل الصورة ، حاصل في النبات والحيوان والإنسان.

ولا خفاء أيضا في أن جسم النبات والحيوان ، الذي هو المادة باعتبار ، وكذا بدن الإنسان الذي هو كالمادة ، يمكن أن يؤخذ بالمعنى الذي يمكن أن يؤخذ به الشيء جنسا ، وكذلك النفس النباتية والحيوانية المقارنة للمادة ، اللتان هما صورة النبات والحيوان ، وكذا النفس الانسانية المفارقة عنها ، التي هي كالصورة للانسان ، يمكن أن تؤخذ بالمعنى الذي به يؤخذ الشيء فصلا ، فتكون هي فصولا لها ، فتكون منشأ لاستكمال أجناسها بها أنواعا محصلة ، ومنشأ لحصول كمال تلك الأنواع ، فتكون كمالا بهذا المعنى.

وهذا الذي ذكرنا مع ابتنائه على ما ذكر ، يبتني أيضا على مقدمة اخرى قد حققها

Bogga 54