وجود الشيء (3) من أفعاله وانفعالاته ، كالقطع للسيف وكالتمييز والروية والإحساس والحركة للانسان ، فإن هذه كمالات لا محالة للنوع ، لكن ليست أولية (4) فانه ليس يحتاج النوع في أن يصير هو ما هو بالفعل إلى حصول هذه الأشياء له بالفعل ، بل إذا حصل له مبدأ هذه الأشياء بالفعل ، حتى صار له هذه الأشياء بعد ما لم تكن بالقوة الا بقوة بعيدة يحتاج (5) إلى أن يحصل قبلها (1) شيء ، حتى يصير بالحقيقة بالقوة ؛ صار حينئذ الحيوان حيوانا بالفعل. فالنفس كمال أول ، ولأن الكمال كمال للشيء ، فالنفس كمال الشيء ، وهذا الشيء هو الجسم ، ويجب أن يؤخذ الجسم بالمعنى الجنسي لا بالمعنى المادي ، كما علمت في صناعة البرهان ، وليس هذا الجسم الذي النفس كماله كل جسم ، فإنها ليست كمال الجسم الصناعي كالسرير والكرسي وغيرهما ، بل كمال الجسم الطبيعي ، ولا كل جسم طبيعي ، فليس النفس كمال نار ولا أرض ولا هواء ، بل هي في عالمنا كمال جسم طبيعي يصدر (6) عنه كمالاته الثانية بآلات يستعين بها في أفعال الحياة ، التي أولها التغذي والنمو. فالنفس التي نحدها كمال (7) أول لجسم طبيعي آلي له أن يفعل أفعال الحياة ؛ لكنه قد يتشكك في هذا الموضوع بأشياء : من ذلك أن لقائل أن يقول : هذا (8) الحد لا يتناول النفس الفلكية ، لأنها (2) تفعل بلا آلات ، وإن تركتم ذكر الآلات واقتصرتم على ذكر الحياة لم يغنكم ذلك شيئا ، فإن الحياة التي لها ليس هو التغذي والنمو ، ولا أيضا الحس ؛ وأنتم تعنون بالحياة التي في الحد هذا.
وإن عنيتم بالحياة ما للنفس الفلكية من الإدراك مثلا والتصور العقلي والتحريك لغاية إرادية ، أخرجتم النبات من جملة ما يكون نفس. وأيضا إن كان التغذي حياة ، فلم لا تسمون النبات حيوانا؟
وأيضا لقائل أن يقول : ما الذي أحوجكم إلى أن تثبتوا نفسا؟ ولم لم يكفكم أن
Bogga 14