326

فإعادته بعد فنائه وهلاكه ، أى جمع الأجزاء المتفرقة من الأجسام مطلقا بعد تفرقها مع بقاء موادها ، بل بقاء أجزائها الأصلية ، كما دل الدليل على بقائها ، وكذا إعادة النفوس والأرواح التي هي باقية غير فانية فيما له نفس مجرد كما دل الدليل على بقائها أيضا إلى تلك الاجسام ذوات النفوس بعد قطع علاقتها عنها تكون أهون عليه ، حيث إن الجمع بعد التفرق ، وكذا إعادة ما هو باق إلى ما كان متعلقا به وزال تعلقه عنه أهون من الإنشاء ابتداء ومن الإخراج من كتم العدم ، لا الأهونية بحسب الحقيقة حتى يرد أن قدرة القادر على الإطلاق تعالى شأنه لا يختلف نسبتها إلى مقدور دون مقدور ، بل هي بالنسبة إلى جميع الممكنات على السواء ، بل أهونية بحسب ما يراه القادرون غيره تعالى في مقدوراتهم وأفعالهم.

والحاصل أن الأهونية ينبغي أن تكون محمولة على التمثيل والمجاز ، وكأن قوله تعالى : ( وله المثل الأعلى ) (1) يمكن أن يكون إشارة إليه ، وإن كان قد فسره بعض المفسرين بأن له الوصف الأعلى.

وأما الاحتجاج بالآية الثانية ، فلأن قوله تعالى : ( قل يحييها الذي أنشأها أول مرة ) (2) لا دلالة فيه على أن الإحياء مثل الإنشاء في الكيفية وأنه كما كان الإنشاء إخراجا من كتم العدم ، كذلك الإحياء ، حتى يكون دليلا على إعادة المعدوم ، سواء قيل بكون الإنشاء مفيدا زيادة استعداد للإحياء في تلك المادة القابلة أم لم يقل ، بل إنما تدل الآية على أن الذي أنشأها أول مرة يحييها بعد ذلك ، وإن كانت الكيفية مختلفة على ما ذكرنا. ولعل قوله تعالى في صدر الآية : ( من يحي العظام وهي رميم ) إشارة إلى الاختلاف في الكيفية ، لأن العظام إذا كانت رميما لا تنعدم بالمرة ، بل من وجه.

وأما الاحتجاج بالآية الثالثة فبمثل ما تقدم ، لأن قوله : ( كما بدأكم تعودون ) (3) لا دلالة فيه على أن التشبيه في ذلك مع استواء الكيفية ، بل يمكن أن يكون التشبيه في أصل الفعل ، وإن كانت الكيفية مختلفة أيضا كما ذكرنا.

وأما الاحتجاج بالحديث فبمثل ما تقدم أيضا لأنه يمكن أن يكون معناه : عجبت لمن

Bogga 375