أو سندين كل منهما أخص ، ومجموعها مساو له يبطل المنع. وهذا الذي ذكرنا هو توجيه كلام هذا القائل ، وبه يتم إيراده على ما يفهم ظاهرا من كلام المصنف ، ويظهر أنه لا يندفع عنه بما أورده الشارح عليه ، فتبصر.
إلا أن إيراده ليس مما لا يمكن دفعه عن المصنف ، بل يمكن ذلك ، لكن بوجه آخر غير ما ذكره الشارح.
وبيانه يستدعي تمهيد مقدمة وهي أن يقال : من المستبين مما تبين في محله وكذا مما ذكره الشارح في التمهيد الذي حققه أن الوجود لو اريد به الوجود الخاص بمعنى ما ينتزع منه الوجود العام الانتزاعي ، فكل وجود خاص بهذا المعنى حقيقة خاصة مغايرة للوجود الآخر الخاص ، مخالف له بحسب الحقيقة ومع ذلك فيمكن أن يكون بعضها مخالفا أيضا لبعض آخر بحسب التقييد بقيود سلبية أو إضافية ، هي تكون منشأ لإمكان بعضها ولامتناع آخر ، وأنه لو اريد به الوجود العام الانتزاعي ، فهو وإن كان معنى واحدا عاما مشتركا بين الموجودات اشتراكا معنويا إلا أن حصصه أيضا متخالفة ومتغايرة بحسب إضافتها إلى الوجودات الخاصة ، وكذا بحسب التقييد بقيود سلبية أو إضافية. وبذلك يمكن أن يحصل الاختلاف بينها في الحكم إمكانا وامتناعا ووجوبا. وكذلك العدم وإن كان مفهوما واحدا ، لا تمايز بين الأعدام بحسب مفهوماتها ، إلا أنه قد يمكن التمايز بينها بحسب إضافتها إلى الوجودات الخاصة المتمايزة ، أو إلى حصص الوجود العام المتمايزة ، وكذا بحسب التقييد سلبية أو إضافية وبذلك يحصل التغاير والتخالف بين الأعدام ويمكن الاختلاف بينها في الحكم امتناعا وإمكانا ووجوبا.
وإذا تمهد هذا فنقول : إن للمصنف أن يقول حينئذ إنا لا نسلم ما ادعاه هذا القائل من أنه لو كان امتناع عود المعدوم أي وجوده ثانيا لأجل طريان العدم على وجوده أولا ، والحال أنه ليس إلا لأجل طريان النقيض على النقيض ، وكون النقيض المطروء عليه ممتنعا ، يلزم أن يكون عود العدم بعد ما طرأ عليه الوجود ممتنعا أيضا لأجل ذلك. لكنا نقول : إن معنى ذلك امتناع عود ذلك العدم الخاص المطروء عليه أي العدم السابق على الوجود ، كما أن المراد في الأول ، امتناع عود ذلك الوجود الخاص المطروء عليه بعينه ، ضرورة أنه لو فرض الوجود بعد العدم الطارئ ، كان هو وجودا خاصا آخر غير الأول مقيد بكونه
Bogga 331